الخصوص المطلق ـ
بمعنى كون الإسلام أعم ؛ إذ هو القول بالشهادتين (التوحيد والنبوة) ، والإيمان أخص
منه ؛ لأنه الإسلام مع الولاية ومعرفة الإمامة ـ فالأمر واضح ؛ حيث إنّ ؛ مقوِّم
الإيمان ومميّزه عن الإسلام هو الولاية والإمامة ، وإن قلنا ـ كما هو المشهور ـ أن
الإسلام من «السلم» بمعنى الانقياد والتسليم لأمر العالي ، وهو بالقول غالباً ، والإيمان
هو التصديق القلبي الباطني.
والإسلام لكونه أمراً ظاهرياً تظهر
ثمرته في هذا العالم الظاهري بحفظ ماله وحقن دمه وجواز التواصل والملاقاة ... إلى
غير ذلك من أحكام الإسلام. وأما الإيمان : فحيث إنه من الاُمور الباطنة ، فثمرته
تظهر في عالم الباطن عند من لا يخفى عليه السرائر ، وهذا ما اُشير إليه في بعض
فقرات دعاء أبي حمزة الثمالي ، قال : إن قوماً آمنوا بألسنتهم ليحقنوا به
دماءهم ، فأدركوا ما أمّلوا ، وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا لتعفو عنا ، فأدركنا
ما أمّلنا ... الدعاء .
ولما كان إسلام أكثر المسلمين ظاهرياً
لا حقيقة له ، وإنما كان النبي صلىاللهعليهوآله
يماشي معهم ؛ رعايةً لمصالح الإسلام ، فقد ظهر منهم بعد النبي ما أبطنوه وأضمروه
في حق علي عليهالسلام
، وكشف عن أنّ إيمانهم كان إسلاماً ، كما قال تعالى : (قَالَتِ
الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا
وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) .
ولعمري إنهم ـ كما [ورد] في طائفة من
الأخبار : ارتدّ
الناس كلهم بعد النبيّ إلا خمسة أو سبعة
ـ قد انكشف سوء سريرتهم وخبث طينتهم ، وقد قال الله تعالى : (وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ
قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ
عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ) .
وهل ترى اختلافاً بعد موت النبي بلا
فاصل ـ على ما هو ظاهر الارتباط الشرطي بين الشرط والجزاء ـ عدا الإختلاف في أمر
الخلافة؟! وهل كان المظلوم والمدفوع عن حقه في تلك المسألة غير عليٍّ عليهالسلام؟! فهذا هو الارتداد
والانقلاب على الأعقاب المشار إليه في الآية.
فقد تبيَّن أن امتياز المؤمن عن غيره
بوجود أمير المؤمنين عليهالسلام
، من حيث القول بولايته
__________________ ـ