اليوم قولاً لا تمرُّ بملأ إلا أخذوا من تراب رجليك ومن فضل طهورك يستشفعون به ، ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك ، ترثني وأرثك ، وإنك منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيَّ بعدي ، وإنك تبرئ ذمتي وتقاتل على سنَّتي ، وإنك في الآخرة أقرب الناس منّي ، وإنك غداً على الحوض خليفتي ، وإنك أوّل من يرد عَليَّ الحوض غداً ، وإنك أوّل من يُكسى معي ، وإنك أوّل من يدخل الجنة من اُمّتي ، وإنّ شيعتك على منابر من نور مبيضَّةً وجوهُهم حولي ، أشفع لهم ، ويكونون في الجنة جيراني ، وإنّ حربك حربي ، وإنّ سلمك سلمي ، وإنّ سرّك سرّي ، وإنّ علانيتك علانيتي ، وإنّ سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإنّ ولدك ولدي ، وإنك تنجز عدتي ، وإنّ الحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك ، وإنّ الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وإنه لا يرد عَليَّ الحوض مبغض لك ، ولن يغيب عنه محبٌّ لك غداً حتى يردوا الحوض معك. فخرّ علي عليهالسلام ساجداً ثم قال : الحمد لله الذي منّ عليّ بالإسلام ، وعلَّمني القرآن ، وجبّني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين ؛ إحساناً منه إليّ وفضلاً منه عليّ. فقال له النبي صلىاللهعليهوآله عند ذلك : لولا أنت يا علي ، لم يُعرف المؤمنون بعدي. انتهى.
ومن الواضح المعلوم أنّ أكثر عبارات هذه الرواية المتقاربة بفقرات الدعاء تدور على رأس مطلب واحد هو العمدة ، وهو مسألة التنزيل ، بمعنى أنّ علياً عليهالسلام منزلة نفس الرسول صلىاللهعليهوآله ، كما أفصحت عنه آية المباهلة ، فيترتب تمام شؤونات النبيّ على نفس أمير المؤمنين عدا النبوة.
ولوضوح المطلب ، فنصفح النظر عنه ، ونصرف عنان البيان إلى آخر الخبر المشار إليه في آخر الليل المنقول في هذا الفصل ، حيث قال : لو لا أنت يا علي لم يُعرف المؤمنون بعدي (١) ، فنقول :
مع قطر النظر عن الأخبار المعتبرة المروية [في] قسميّته عليهالسلام للجنة والنار (٢) ، [ورد] عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : حبُّك إيمان ، وبغضك كفر ونفاق (٣) ، إنّ الإيمان فرقه مع الإسلام إن كان بالعموم و
__________________
١. الأمالي للصدوق ، ص ١٥٧ ، ح ١٥٠ ؛ إعلام الورى ، ص ١٨٦ ؛ بشارة المصطفى ، ص ١٥٥ ؛ الغارات ، ج ١ ، ص ٦٣.
٢. علل الشرائع ، ج ١ ، ص ١٦١ ، باب ١٣٠ ، ح ١ و ٢ ؛ عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، ج ١ ، ص ٩٢ ، ح ٣٠ ؛ روضة الواعظين ، ص ١٠٢.
٣. كتاب الأربعين للقمي الشيرازي ، ص ٥٤١ ؛ وانظر باب ٨٧ من بحار الأنوار ، ج ٣٩ ، ص ٢٤٥ في حبه وبغضه ـ صلوات الله عليه ـ وأن حبه إيمان ، وبغضه كفر ونفاق.