ونحن نقتصر في هذا الباب بذكر خبر رواه في البحار (١) عن الأمالي (٢) والعيون (٣) فيما بيّن الرضا عليهالسلام من فضائل العترة الطاهرة ، قال : فأما الرابعة فإخراجه الناس من مسجده ما خلا العترة ، حتى تكلم الناس في ذلك ، وتكلم العباس فقال : يا رسول الله ، تركت علياً وأخرجتنا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أنا تركته وأخرجتكم ، ولكن الله تركه وأخرجكم. وفي هذا تبيان قوله صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى». قالت العلماء : وأين هذا من القرآن؟ قال أبو الحسن عليهالسلام : اُوجدكم في ذلك قرآناً أقرؤه عليكم. قالوا : هات. قال : قول الله عزّ وجلّ : (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (٤) ، ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى ، وفيها أيضاً منزلة علي من رسول الله ، ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله صلىاللهعليهوآله حين قال : «ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد وآله ... الخبر» (٥).
أقول : ولعل متوهِّماً يتوهم أن رعاية الأحكام وحفظ الحدود الشرعية والنواميس الإلهية من الحلال والحرام لا يتفاوت فيه الرعية والإمام ، فإذا كان دخول الجنب ومكثه في المساجد بل مروره أيضاً في المسجدين ـ مسجد مكة والمدينة ـ حراماً ، فمراعاة هذا الحكم اُولى وأنسب للإمام عليهالسلام ؛ فإن الرئيس إذا واظب في مراعاة الأحكام فالمرؤوس أيضاً يراعيها ؛ إذ الناس على دين ملوكهم ، [لا] سيما إذا كان له سمة المبلغية أو الاحتساب الشرعي ؛ فإنّ مَن يأمر بشيء أو ينهى عن شيء لم يؤثر قوله ما لم يعمل هو به ، كما قال [الله] تعالى في الآية الشريفة : (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (٦). وقال الخواجة في حافظه شعراً :
مشكلى دارم ز دانشمند مجلس باز پرس |
|
توبه فرمايان چرا خود توبه كمتر مىكنند |
فنقول في الجواب بحول الله وقوته : إن أهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله عليهم ـ وإن كانوا في عوالم نورانيتهم بحيث قالوا : نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد ، ٧ كما ورد في
__________________
١. بحار الأنوار ، ج ٢٥ ، ص ٢٢٤ ، ح ٢٠.
٢. الأمالي للصدوق ، ص ٦١٨ ، ح ٨٤٣.
٣. عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، ج ٢ ، ص ٢١٠ ، باب ٢٣ ، ح ١.
٤. سورة يونس ، الآية ٨٧.
٥. عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، ج ٢ ، ص ٢١٠ ، الأمالي للصدوق ، ص ٦١٩ ؛ تحف العقول ، ص ٤٣٠.
٦. سورة الصّف ، الآية ٣.
٧. علل الشرائع ، ج ١ ، ص ١٧٧ ؛ عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، ج ١ ، ص ٧١ ، ح ٢٩٧ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٠ ، ص ٣١٢ ، ح ١٨ عن العلل.