والخالقية قد أعطاها
لنبيِّه ، أي نزّله بمنزلته في تلك الأولوية ، وهو أيضاً نزّ علياً عليهالسلام بمنزلته ؛ حيث فرّع
على قوله وقال : «فمن كنت مولاه» ليُفهم المستمعين أن «المولى» مأخوذ من الأولوية
السابقة لا بمعنى المحب أو الناصر ؛ إذ لا أهمية في ذلك المعنى ، بحيث يعاتَب
النبيّ على عدم تبليغه بقوله : (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ
فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)
، ولا لخوف النبي
إبلاغه حتى وعده الله تعالى بالعصمة : (وَاللَّـهُ
يَعْصِمُكَ)
، ولا لإمساك الناس
في صحراء لا فيها ظل ولا مسكن ، إلى غير ذلك من القرائن والشواهد على إرادة المعنى
المهم ، وهو أولوية التصرف والرئاسة المطلقة التامة.
قوله : «وأحلَّه محلَّ هارون من موسى»
إلى قوله «وسدّ الأبواب إلا بابه».
العبارة الاُولى إشارة إلى ما قاله
كراراً : يا علي ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبيَّ بعدي ،
قاله في موقع الحركة إلى غزوة تبوك ، حيث استخلف عليّاً في المدينة ، فعابه
المنافقون وقالوا : «لم يستصحبه لتشأَمه!». فشكى عليٌّ إليه صلىاللهعليهوآله ذلك ، فقال : أما
ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبيَّ بعدي؟
وقد استدل جمع من علماء الإمامية بهذا
الحديث المرويِّ بطرق الفريقين على الإمامة والخلافة ؛ لأن ظهور التنزيل في جميع
الآثار والأوصاف ، [لا] سيما بقرينة الاستثناء ؛ فإنه دليل العموم. ولو سُلِّم
فيدلّ على الآثار الشائعة ، والخلافة من الآثار الشائعة ، حتى قال له موسى : (اخْلُفْنِي
فِي قَوْمِي)
. هذا كله واضح.
وفي التعبير بعبارة «إلا أنه لا نبي
بعدي» نوع حزازة بالنسبة إلى سابقها ، حيث قال : «وأحلَّه محل هارون» بصيغة الغيبة
، فهو من قبيل الحكاية بعين العبارة في الاستثناء.
وكيف كان ، فما كان لهارون من المراتب
والمقامات بالنسبة إلى موسى فهي لأمير المؤمنين عليهالسلام
، فكما أنه كان شريكه في كون بيته مسجداً والبيتوتة فيه ، فكذا كان عليُّ شريك
رسول الله في ذلك ، وكذا في سدّ الأبواب كلها إلا باب علي ، فشرك مع النبي في ذلك.
__________________