بِوَحْيِكَ ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّريعَةَ اِلَيْكَ ، وَالْوَسيلَةَ اِلى رِضْوانِكَ.
فَبَعْضٌ اَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ اِلى اَنْ اَخْرَجْتَهُ مِنْها ، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ في فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَليلاً ، وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْق فِي الاْخِرينَ ، فَاَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً ، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْليماً ، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ اَخيهِ رِدْءاً وَوَزيراً ، وَبَعْضٌ اَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ اَب ، وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ ، وَاَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ.
وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَريعَةً ، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً ، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ اَوْصِياءَ ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظ ، مِنْ مُدَّةٍ اِلى مُدَّةٍ ، اِقامَةً لِدينِكَ ، وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ ، وَلِئَلّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ ، وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى اَهْلِهِ ، وَلا يَقُولَ اَحَدٌ لَوْلا اَرْسَلْتَ اِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً ، وَاَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً ، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ اَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى.
اللغة :
الاسْتِخْلاص : جعل الشيء خالصاً ومخصوصاً.
الشرط : بمعنى الإلزام والالتزام. شَرَط عليه : أي ألزمه. وشَرَط له : أي التزم به.
الزِّبْرِج ـ كفلفل ـ : الزينة.
الرِّفد ـ بالكسر ـ : العطاء. رَفَدَ يَرْفَد كمع يمنع : أعطاه. والإرْفَاد : الإعانة.
الرِّدْ ـ بكسر الراء ـ : العون. رَدَأه به ـ كمنع ـ : جعله له عوناً.
شَرَع ـ كمنع ـ : سنَّ.
الإعراب :
قوله : «فبعضٌ أسكنته» يحتمل كون البعض مرفوعاً على الابتداء. وجاز الابتداء بالنكرة ؛ لكونها مخصَّصة في المعنى ؛ إذ المراد بعض منهم ، أي من الأولياء السابق ذكرهم. ويمكن كونه مرفوعاً على أنه مبتدأ مؤخَّر حُذف خبره المقدَّم ، أي منهم بعض ، وعليه فما بعده نعت له.
قوله : «وكلاً شرعتَ» بنصب «كلاً» في أكثر النسخ ، ولكنه منافٍ لقواعد النحو لو كان منصوباً على الاشتغال ؛ فإنّ شرط طه صحة عمل العامل فيه مع قطع النظر عن المشتغل به ، وهنا ليس كذلك ؛ إذ لا يصح «شرعت كلاً» ؛ لأن المراد من الكل الأنبياء ، وليس