من حب مجنون كلبَ ليلى بل حيطان دارها وأوتاد خيامها فكيف بآبائها وأسلافها.
هذا في الحب الصوري والعشق المجازي ، والمجاز قنطرة الحقيقة ، فمن أحب إماام العصر ـ عجل الله فرجه ـ فهو يحب آباءه الكرام وأجداده العظام ، بل لا فرق بينهم في تلك المرحلة ، كما في الزيارة الجامعة : وأنّ أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة ، طابت وطهرت ، بعضها من بعض ، فبين السابق واللاحق ملازمة من هذه الجهة. ولا يجوز التفكيك في المحبة والمودة ، كما اُشير إليه أيضاً في الفقرة الاُخرى من الجامعة الكبيرة ، قال : «تولَّيتُ آخرَكم بما تولَّيتُ به أولَكم.
فهذا معنى كون الوصلة التامة مؤديةً إلى مرافقة سلفه والأخذ بحجزتهم والتمكن في ظلمهم كما في الدعاء ، ثم رجع أيضاً إلى ما هو المقصود الأصلي من دعاء الندبة ، وهو سؤال درك خدمة إمام العصر ـ عجل الله تعالى فرجه ـ والفوز بسعادة حضوره ، فقال : «وأعنّا على تأدية حقوقه إليه» ؛ فإنّ من الواضح المعلوم أن استتار الإمام عليهالسلام من الرعية للخوف من جبابرتهم وعدم لياقة واستعداد في الباقين لنصرته كما سبق بيانه.
وربّ شخص يتمنى لقاءه والجهاد بين يديه قولاً ، وفي مقام الفعلية يتأنف ويستنكف ويتعلل بعلل غير مسموعة ، وينتظر إثبات الإمامة بإقامة البراهين بعد ما تمت له الحجة ؛ وليس هذا إلا لعدم حصول الاستعداد والقابلية. وربما وقع لبعض المنتظرين من جفاة الانتظاريين فيض حضور خدمة إمام العصر ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ في الرؤيا ، وبعد أن أحرز منه تكاليف صعبة في نظره أدناها ردّ حقوق الناس إليهم ؛ لعلم الإمام بعين ماله وكونه حراماً ، فعصى وتكلم بما أظهر نفاقه وشقاقه.
فقد اتضح من جميع ذلك ما هو العمدة في المقام ، بل هو أيضاً من جملة شرائط استجابة الدعاء ، وهو الاستعداد والقابلية لما يسألة ؛ فإن المسؤول تعالى حكيم يضع كلِّ شيء في محله ، فليس كلُّ سائل أهلاً لكل مسؤول ، فاللازم إذاً أن يسأل الاستعداد والقابلية ، بمعنى التوفيق والإعانة على أعمال صالحة.
قوله : «واجعل صلواتنا به مقبولة» سبب قول الصلاة بسببه : إما به سبب الاقتران مع صلاته ، كما قد يعلّل حسى أداء الصلاة في أول وقتها الذي هو رضوان الله ؛ لأن الإمام عليهالسلام لا يترك وقت الفضيلة ، فصلاة الشخص يصعد مع صلاة إمامه ، فيتلقى بحسن القبول إن شاء