المنتظرين لقدوم إمامهم ، فقال : «ونحن عبيدك الشائقون إلى وليك».
والغرض من التوصيف بالشوق إلى وليه التعريض بالاستعداد وارتفاع المحذور وانتفاء السبب الباعث إلى فراره واستتاره ، كما قال الطوسي قدسسره في التجريد : «وجوده لطف ، وتصرُّفه لطف آخر ، وعدمه منا» (١) ، يعني إن الإمام إذا كان تصرفه لطفاً آخر وراء وجوده ، فانتفاء هذا اللطف منّا باختفائه ، وعدمُ تصرفه لا لبخل ـ والعياذ بالله ـ من الله تعالى ؛ كلّا وحاشا! فإنه فياض على الإطلاق ؛ ولا لاستنكاف من الإمام عليهالسلام ، إذا (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٢) ، مع كونهم وسائط الفيض. فتعيَّن أن عدمه لعدم القابلية منا واختفاءه للخوف ؛ فإظهار الاشتياق إظهار للقابلية والاستعداد ؛ على ما في الأخبار أنه ـ عجل الله تعالى فرجه ـ لو تمَّ له العدد المشهور وهو عدة أصحاب بدر ، لأجيز له في الظهور ؛ كحّل الله تعالى عيوننا بتراب نعاله.
ثم إن توصيف الولي بالمذكّرية بالله وبنبيه أيضاً للإشعار بأن حبه والشوق إليه أيضاً راجع إلى حب الله والشوق إليه ؛ لأنه لما كان مذكّراً لله فالشوق إلى مذكّر الشيء شوق إلى ذلك الشيء.
قوله : «واجعل مستقرَّه لنا» إلى قوله «وأتمم نعمتك» الخ ، سؤال لكلتي النعمتين والتماس من الله لافلاح في النشأتين ، بعد التوطئة في السابق بقوله : «وأنت رب الآخرة والاُولى» ؛ فإنّ جعل مستقر الإمام مستقراً له وإن كان أعم من حيث هو ، ولكن بمقتضى التقديم الطبيعي وبقرينة لحوق «أتمم نعمتك» يتعين حمله على الدنيا بإرادة درك خدمة إمام العصر ـ عجل الله فرجه والتشرف بفيض حضوره والتسعد بلقاء جماله وإطاعة أوامره ـ ، ولكن ليست العلة المحدثة مبقية ؛ فالحدوث أمر ، والبقاء أمر آخر ، ورب حدوث لا بقاء له ، ورب إيمان لا ثبات له ، كما أشرنا إليه في الفصول السابقة في معنى (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٣) ، فلذا عقّبه بسؤال إتمام النعمة ، وهي نعمة الائتمام به عليهالسلام إلى الجنة ومرافقة الشهداء.
قوله : «وصلّ على عليٍّ أبيه السيد القَسْور» لا يخفى أن علياً عليهالسلام أيضاً جده ، وإطلاق الأب
__________________
١. عوائد الأيام ، ص ٢٤٦ نقلاً عن الطوسي.
٢. سورة الأنبياء ، الآية ٢٧.
٣. سورة الفاتحة ، الآية ٦.