في بعض النسخ بالفك ،
وعلى الإدغام في كليهما كما في بعض النسخ الاُخرى ، فهو من قبيل التجنيس الخطي ، وهو
التوافق بين اللفظتين في الكتابة مع قطع النظر عن الحركات بل النقاط أيضاً ، كما
في الآية الشريفة : (وَالَّذِي هُوَ
يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) .
وكذا فيما كتب أمير المؤمنين عليهالسلام إلى معاوية بن أبي
سفيان : غُرَّك
عِزُّك ، فصار قُصارى ذلك ذِلّك ، فاخْشَ فاحِشَ فِعْلِك ، فَعَلَّك يهذي تهتدي.
فكتب في الجواب : «على قدري ، على قدري» .
المعنى :
اعلم أنه لما كان الأصل في المسند
التنكير كما أن الأصل في المسند إليه التعريف ، فإذا كان المسند معرفة باللام
فيكون هذا التعريف مفيداً للتخصيص في الأغلب ، فقولك : «زيدٌ الأمير» يفيد اختصاص
الإمارة بزيد ، سواء كان اللام للجنس ـ كما هو الأصل ـ أو الاستغراق ؛ لأن مقتضى
الحمل هو الاتحاد ، فإذا صار الاتحاد بين زيد وبين جنس الأمير أو تمام أفراده ، فمفاده
الحصر ولو ادعاءً ، فكذلك إذا كان التعريف بالإضافة إلى المعرَّف باللام ، كما في
قوله : «اللهم
أنت كشَّاف الكُرَبِ» ، فيفيد اختصاص
الكشف للكروب بذاته الأقدس.
وهذا هو وجه العدول عن المطلب السابق
والتمسك والاعتصام بحضرة ذاته الأقدس ، وقد صُرِّح بهذا الحصر بوجه أوضح في
العبارة التالية بتقديم المعمول ، حيث قال : «وإليك أستعدي» كما سبقت الإشارة. وكل
ذلك من باب المقدمة وتهيئة المقام وتوطئة للسؤال الآتي ، حيث قال : «فأغِثْ يا غياثَ
المستغيثين» بفاء التفريع ؛
ليكون فرعاً على الحصر السابق.
ولما كان أقرب الأشياء إلى كل شخص نفسه
، فلابدّ في مقام حلب المنفعة الابتداء بنفسه ، كما حكي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله ان إذا دعا بدأ نفسه
٣. ولهذا قدَّم الداعي نفسه وقال : «عُبيدك» بضم العين على التصغير ، ثم أراد بيان
اتحاد المسلك مع سائر المحبين الموالين
__________________