التأكيد بالمنفصل أو الفصل بشيء آخر ، ولكن لا بأس مع الاضطرار في العطف مع عدم إعادة الخافض كما في الشعر :
* فاذهب فما بك والأيام من عجب *
وأما الكوفيون فيجوّزونه مطلقاً شعراً كان أو غيره ، وفي قراءة حمزة في الآية الشريفة : (تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) (١) بالجر تأييد لما قالوا ، ولعل ذلك أيضاً لكون حمزة من الكوفيين.
وكيف كان فنسخة زاد المعاد على مذهب البصريين ، والنسخة الاُخرى على مذهب الكوفيين ، مع مراعاة جهة اُخرى ، وهي شدة الاتصال بين الله تعالى وبين نبيه بحيث لا مجال للفصل بالجار. حتى أنه بهذه الملاحظة قد عللوا إفراد الضمير في الآية : (وَاللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ) (٢) إذ رِضى الله رضى رسوله ؛ (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٣).
قوله : «ما طلعت شمس وما أضاء قمر» ما مصدرية توقيتية ، والمعنى استيعاب المدة.
قوله : «وعلى جدته» عطف على قوله : «على حجتك» ، والوجه واضح.
قوله : «أفضل» بالنصب على أنه مفعول مطلق باعتبار موصوفة المحذوف ، أي صلاة أفضل.
قوله : «اللهم وأقم به الحقَّ» اِعلم أنه ربما يُزاد بعد كلمة «اللهم» حرف الواو مع أنه ليس محل العطف على ظاهره ؛ فإنه منادى حُذف حرف ندائه لزوماً ، وعُوِّض عنه بزيادة الميم المشدَّدة كما قاله الرضي «قده» ، والميمان في «اللهم» عوض من ياء آخر تبركاً باسمه تعالى بالابتداء. انتهى.
وفي هذا الحذف والتعويض فائدة اُخرى ، وهي التخلص من كراهة اجتماع حرف النداء مع حرف التعريف ، وإن كان لزوم الأداة قد سلب عنها الخاصية. وعلى أي تقدير فذِكر واو العطف بعد النداء لا وجه له ، وكذا لا وجه لكون الواو حالية ؛ إذ لم يتم كلامٌ حتى يُعطف عليه جملة أو يُفيَّد بقيد ، إلا أن يقال : يحذف شيء يناسب المقام ؛ فإن هذه الكلمة ربما تستعمل في مقام الاسترحام ، فالمعنى : اللهم ارحم وأقم به الحق.
__________________
١. سورة النساء ، الآية ١.
٢. سورة التوبة ، الآية ٦٢.
٣. سورة الأنبياء : الآية ٢٧.