الإدحاض بمعنى : الإزالة والإبطال.
قوله : «وأدِلْ به أولياءك» يحتمل كون أدل أمراً من باب الإفعال من الدلالة بمعنى الهداية.
وقوله : «وأذِلَّ به أعداءك» من باب الإفعال أيضاً ، من الذلة بمعنى الضلالة. أو أن الأصل بالضاد لا بالذال. وكونه عليهالسلام سبب الهداية واضح ، وأما الضلالة فلأن من لم يؤمن به يكون ضالاً. ويحتمل قريباً أن يكون «أدل» من الدلال بمعنى : الغنج الملزوم للإكرام ؛ إذ الحبيب يتغنَّج مع محبه ، وذلك يستلزم الإكرام ، فيكون مقابله الإذلال للأعداء ، فالإمام عليهالسلام هو سبب الإدلال ؛ إذ بسببه وبه سبب التصديق به يكون العبد مكرَّماً عند الله تعالى ، كما أن بغضه وإنكاره سبب الإذلال والوهن.
ولا يخفى أن الإدلال يختلف حكمه باختلاف محله وحيثيته ، فربما يكون مذموماً كما في بعض الأخبار على ما في المجمع (١) من أن المدلّ لا يصعد من عمله بشيء ، ومن أن العابد المدلّ بعبادته كذلك ؛ فإن الإدلال بالعبادة والاغترار بها ربما يكون محبِطاً ، بل في بعض الأخبار : سيئة تندم عليها خير من عبادة تعجب بها (٢). فالاعتداد بأمثال عباداتنا الناقصة من حيث اجتماع شرائط الصحة والكمال الغير الخالية عن موانع القبول الغير القابلة لحضرة ذي الجلال عين سفه وإضلال. كيف وهذا أمير المؤمنين عليهالسلام يكتب في حاشية كفن سلمان الذي ورد فيه «منا أهل البيت» وفيه ورد أنه «اُعطي علوم الأولين والآخرين» (٣) إلى غير ذلك من فضائله ، قد كتب عليهالسلام في كفنه ما يُشعر بعدم الاعتداد على شيء من عمله :
وفدتُ على الكريم بغير زادٍ |
|
من الحسنات والقلب السليمِ |
فحملُ الزاد أقبحُ كلِّ شيء |
|
إذا كان الوفودُ على الكريمِ |
وأما الإدلال الغير المذموم فهو الذي يصدر عن المؤمن ، بل قد ورد في بعض الأدعية كما في دعاء الافتتاح قال : مُدِلّاً عليك فيما قصدتُ فيه إليك ؛ إذ من الواضح المعلوم أن هذا
__________________
١. مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٥١ مادة «دلل» ؛ وانظر : الكافي ، ج ٢ ، ص ٣١٣ ، ح ٥.
٢. في المنقول عن علي عليهالسلام : سيئة تسوؤك خير عند الله من حسنة تعجبك. كما في نهج البلاغة ، ج ٣ ، ص ١٦٣ ، حكمة ٤٦ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ١٠٥ ، ح ٢٥٥.
٣. أنظر بعض فضائل سلمان في الغدير ، ج ١٠ ، ص ١٨ ، والمعروف أن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : سلمان رجل منّا أهل البيت ، أدرك علم الأولين والآخرين. لاحظ تاريخ ابن عساكر ، ج ٦ ، ص ١٩٨ ـ ٢٠٣ ؛ تهذيب الكمال ، ج ١١ ، ص ٢٥١.