[مِن قَبْلِهِمْ])
الآية ؛ حيث إنّ الظاهر هو السير النظري إلى تاريخ أحوالهم ، وبهذه الملاحظة صارت
نبوة نبينا خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله
آخر النبوات وشريعته آخر الشرائع ، مضافاً إلى كون دينه أكمل الأديان ، لا يُنسخ
بدين آخر كما كان يُنسخ الأديان السابقة والشرائع الماضية ؛ لتنظر اُمته إلى سائر
الاُمم وابتلائهم به سبب معاصيهم ، فينزجروا من المناهي ويرتدعوا من المعاصي. وهذا
لطف من الألطاف الإلهية المخصوصة باُمّة محمد المرحومة ، ومن هنا تبين كونهم من
جلائل نعم الله تعالى التي لا تضاهى ولا تشبه ولا يقاس بهم أحد ممن سواهم.
قوله : «إلى متى أجأر فيك يا مولاي ، وإلى متى»
الخ.
الاستفهام حقيقته طلب الفهم ، ففي هذا
المقام حقيقة «متى» سؤال عن الزمان وغاية الضيق ومنتهى الخفاء والشدة. ولكن قد
تُستعمل الألفاظ الموضوعة للاستفهام في المعاني الاُخر مجازاً على ما هو المشهور ؛
كما قال في التلخيص وشرحه في باب الإنشاء ، حتى أن التفتازاني قال في الشرح : وتحقيق
كيفية هذا المجاز وبيان أنه من أيّ نوع من أنواعه معالم يحم أحد حوله.
وقال الشريف في حواشيه : ونحن نذكر في
هذه المواضع ما يتضح به وجه المجاز فيها ، فمن جملة المعاني : الإنكار والتعجب
والتهديد والتوبيخ والسخرية.
بل قد ذكر في التلخيص أولها الاستبطاء ،
كما في الآية الشريفة : (حَتَّىٰ
يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّـهِ) .
قال الشريف : فإنّ الاستفهام عن زمان النصر يستلزم الجهل بزمانه ، والجهل به يستلزم
استبعاده عادةً أو ادعاءً ؛ لأن الأنسب بما هو قريب أن يكون معلوماً بنفسه أو
بأماراته ، واستبعاده يستلزم استبطاءه.
فإذا عرفت ذلك فقد تبين لك السرّ في
الاستفهام في المقام وأنه الاستبطاء ، من حيث طول المدة وكثرة زمان الغيبة والشدة
الموجبة للنداء بالصوت الجلي ، كما هو مفاد الجؤر ، وقد أشار الداعي بقوله : «عزيز
عليّ أن اُجاب دونك واُناغى» إلى شدة المصيبة ؛ من حيث إنّ المناغاة ـ على ما سبق
ـ هو بعض التكلمات مع الطفل بما لا يفهمه تمويهاً له أو إسكاتاً من
__________________