قوله : «هل من معين فاُطيلَ معه» بنصب اُطيل ، بتقدير أن ؛ لكونه بعد فاء السببية في جواب الأشياء الستة ومنها الاستفهام ، كما في قولهم : «هل تنزل بنا فتصيب خيراً منّا؟» ، وكذلك الأمر في «فاُساعدَ» وغيرها.
قوله : «وقد نشرت» الجملة حالية من الكاف في «نراك». والظاهر أن تُرى بصيغة المجهول أيضاً حال منه ، أي نراك مرئياً للعموم لا بالخصوص ، كما في زمان الغيبة الصغرى بالنسبة إلى سفرائه المخصوصين.
البلاغة والمعنى :
اِعلم أن هذه العبارات المشتملة على التفدية قد عرفت في الفصل السابق عدم إرادة المعناي الأصلية منها ، بل المقصود منها الكنايات وإرادة محبوبية المفدَّى له ؛ من حيث استجماعه الصفات الحميدة والكمالات النفسانية المشار إليها بعبارات اُخرى لاحقة. وقد أشرنا في بيان الإعراب إلى كونها رافعة الإبهام عن النسبة ، وأن المحبوبية من حيث هذه الصفات.
ولا يخفى أن العترة الأطهار ـ سلام الله عليهم ـ لهم امتياز مخصوص ؛ من حيث الاحتواء على الصفات الحميدة والأخلاق الجميلة ، كما نطقت به الأخبار الكثيرة ، ومنها ما في بعض خطب أمير المؤمنين عليهالسلام بعد الانصراف من صفين ، إلى أن قال : لا يُقاس بآل محمد من هذه الاُمّة أحد ، ولا يستوي بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً ، هم أساس الدين وعماد اليقين ؛ إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة. الآن إذ رجع الحق إلى أهله ، ونُقل إلى منتقله ... الخطبة (١).
فيُستفاد منها أنه : لا يُقاس بآل محمد أحد من غيرهم في واحد من الأوصاف ، بل هم المستجمعون لجميع الكمالات دون الخالق وفوق كل مخلوق ، وإليه الإشارة في بعض فقرات الزيارة الجامعة : ذكركم في الذاكرين ، واسماؤكم في الأسماء ، وأجسادكم في الأجساد ، ونفوسكم في النفوس ، فما أحلى أسماءكم وأكرم أنفسكم ... الخ ، كما سبق إليه الإشارة في المقدمة.
فالمعنى حينئذ أن إمام العصر ـ عجل الله فرجه ـ على ما هو المنظور المخاطب والمنادى في دعاء الندبة ؛ حيث كان كسائر أهل بيت العترة عليهمالسلام واجداً للكمالات ، ومع هذه
__________________
١. نهج البلاغة ، ج ١ ، ص ٣٠ ، الخطبة ٢.