على الفاعل ، فالأولى إدراجها في الزائدة ، فالباء في «فداك بأبي» زائدة كما في (كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا) (١). وحيث إنه لا يجامع الباء ذكرَ المتعلَّق فهو نائب عنه أصلاً ، اُطلق عليه باء التفدية لقيامه مقام مادة الفداء.
وهل التقدير «فداك» أو «مفدَّى»؟ وجهان بل قولان : فعلى الثاني يكون «بأبي» مع متعلقه المحذوف خبراً مقدماً ، وأنت مبتدأ ؛ وعلى الأول «بأبي» فاعل الفعل المحذوف ، وأنت تأكيد عن المفعول المحذوف. وكون ضمير الرفع تأكيداً عن ضمير النصب المتصل كثير ، كما في قوله تعالى : (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٢) على بعض الوجوه ، وقوله تعالى : (إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ) (٣) بناءً على نصب أقلَّ ؛ فإن «أنا» تأكيد عن مفعول «تَرَنِ».
ويمكن لنا اعتبار وجه لطيف في المقام ، بأن نقول : الباء في «بأبي» للبدلية ، وهو خبر مقدَّم ، وأنت مبتدأ مؤخر ؛ يعني : إنك مبدَل بأبي فيكون أبي بدلاً عنك ، فيفيد معنى التفدية بالالتزام ؛ حيث إن الفداء بدل المفدَّى منه. أو يكون المعنى : أنت بدل أبي ؛ على مذاق النحويين من كون المبدَل منه مع البدل بحكم السقوط ، وهو بمعنى الفدائية. وعلى أيّ تقدير فلا يُذكر فعل الفداء مع الباء أصلاً.
وآما الآية الشريفة : (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (٤) فليس الباء في «بذبح» للتفدية ليكون نقضاً لما ذكرنا ، بل المستفاد من أكثر الأخبار الواردة في تفسيرها أن المراد من «الذبح العظيم» الحسين عليهالسلام ، فلا وجه حينئذ لتكون الباء للتفدية ؛ فإن المفدَّى أفضل من الفداء يقيناً. وهل يرضى مؤمن أن يكون إسماعيل أفضل من الحسين عليهالسلام ، فالباء للسببية ؛ يعني : إنا أرسلنا الكبش فداءً لإسماعيل به سبب الذبح العظيم ، يعني : إنّ عنوان الذبيحية قد كان مختوماً باسم الحسين ومدَّخراً له عليهالسلام ، فلذا أخّرنا هذه القضية ، أو أرسلنا الفداء له به سبب بكاء إبراهيم الخليل على الحسين الذي هو ضبح عظيم ؛ على ما في الخبر المروي عن الرضا عليهالسلام (٥).
قوله : «ونفسي لك الوقاء» نفسي مبتدأ ، و «الوقاء» خبره ، و «لك» متعلق به ، على أن
__________________
١. سورة الرّعد ، ٤٣ ، سورة الإسراء ، الآية ٩٦.
٢. سورة يوسف ، الآية ٩٨ ، سورة القصص ، الآية ١٦ ، سورة الزمر ، الآية ٥٣.
٣. سورة الكهف ، الآية ٣٩.
٤. سورة الصّافات ، الآية ١٠٧.
٥. عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، ج ٢ ، ص ١٨٧ ، باب ١٧ ، ح ١ ؛ الخصال ، ج ٥٨ ، ح ٧٩ ؛ بحار الأنوار ، ج ١٢ ، ص ١٢٤ ، ح ١.