(وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) (آل عمران : ٤٩) وفي حق موسى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) (المزمل : ١٥).
ثم إن الصفة إنما تكون مثل الموصوف أو دونه في التعريف ، وأمّا أن تكون فوقه فلا ؛ لأنها على كل حال تابعة والتابع دون المتبوع. (فإن قيل) : كيف يصحّ أن يزال إبهام الشيء بما هو أبهم منه؟ (فالجواب) : أن التعريف لم يقع بمجرد الصفة ؛ وإنما حصل بمجموع الصفة والموصوف ، لأنهما كالشيء الواحد. ٢ / ٤٢٥
(الثالث) : لتعيينه (١) للجنسية ، كقوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) (الأنعام : ٣٨) لأن المعنيّ بدابة والذي (٢) سيق له الكلام الجنسية لا الإفراد ، بدليل قوله تعالى : (إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) فجمع (أُمَمٌ) محقّق إرادة الجنس من الوصف اللازم للجنس المذكور ، وهو كون الدابة غير منفكة عن كونها في الأرض ، وكون الطائر غير منفك كونه طائرا بجناحيه ، لينتفي توهم الفرديّة ، هذا معنى ما أشار إليه السكاكيّ (٣) في «المفتاح».
وحمل بعضهم كلامه على أنه إنما ذكر الوصف ليعلم أن المراد ليس دابّة مخصوصة ، وهو بعيد ، لأن ذلك معلوم قطعا بدون الوصف ، لأنّ النكرة المنفية ـ لا سيما مع «من» الاستغراقية ـ قطعية. وقال الزمخشريّ (٤) : إن معنى زيادة (فِي الْأَرْضِ) و (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) يفيد زيادة التعميم (٥) والإحاطة ؛ حتى كأنه قيل : «وما من دابة من جميع ما في الأرض ، وما من طائر من جميع ما يطير بجناحيه». ٢ / ٤٢٦
ويحتمل [أن] (٦) يقال : إن الطّيران لما كان يوصف به من يعقل كالجانّ والملائكة ، فلو لم يقل : (بِجَناحَيْهِ) لتوهّم الاقتصار على جنسها ممّن يعقل ، فقيل : (بِجَناحَيْهِ) ليفيد إرادة
__________________
(١) في المخطوطة (تعيينه).
(٢) اضطربت عبارة المخطوطة كما يلي (بدا منه والمدعي). بدل (بدابة والذي).
(٣) هو يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي تقدم ذكره في ١ / ١٦٣ ، وانظر قوله في كتابه مفتاح العلوم : ١٩٠.
(٤) الكشاف ٢ / ١٢ ـ ١٣.
(٥) في المخطوطة (التعظيم).
(٦) في المخطوطة : (إن).