النوع الثالث
ما قدّم في آية وأخّر في أخرى
فمن ذلك قوله في فاتحة الفاتحة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) (الفاتحة : ٢) وفي خاتمة [الجاثية] (١) (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ) (الآية : ٣٦) ، [فتقديم «الحمد»] (١) في الأول (٢) جاء على الأصل ، والثاني على تقدير الجواب ، فكأنه قيل عند وقوع الأمر : لمن الحمد؟ ومن أهله؟ فجاء الجواب على ذلك ، نظيره : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) (غافر : ١٦) ، ثم قال : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (غافر : ١٦).
و [وقوله] (٣) في سورة يس : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) (الآية : ٢٠) ، قدّم المجرور على المرفوع ، لاشتمال ما قبله من سوء معاملة أصحاب القرية الرسل ، وإصرارهم على تكذيبهم ، فكان مظنّة التتابع على مجرى العبارة ، تلك القرية ، ويبقى مخيّلا [٢١٥ / أ] في فكره : أكانت (٤) كلّها كذلك ، أم كان فيها (٥) [فنطر أن أفاض] (٥) .. على خلاف ذلك ، بخلاف ما في سورة القصص.
ومنها قوله في سورة النمل : (لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا (٦) [مِنْ قَبْلُ) (الآية : ٦٨) ، وفي سورة المؤمنين : (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا]) (٧) هذا [مِنْ قَبْلُ] (٧) (المؤمنون : ٨٣) ، فإنّ ما قبل الأولى (أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا) (النمل : ٦٧) ، وما قبل الثانية : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً) ، (المؤمنون : ٨٢) [فالجهة] (٧) المنظور فيها هناك كون أنفسهم وآبائهم ترابا ، والجهة المنظور فيها [هنا] (٧) كونهم ترابا وعظاما ، ولا شبهة أنّ (٨) الأولى أدخل عندهم في تبعيد (٨) البعث.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (الأولى).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (لما كانت).
(٥) العبارة مضطربة وهي ساقطة من المطبوعة.
(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (والأشبه في) بدل (ولا شبهة أن).
(٨) في المخطوطة (توعيد).