كيف أصبحت؟ فحذف الجارّ ، وعليه حمل قراءة حمزة (١) : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) (النساء : ١) لأن هذا مكان شهر بتكرير الجار ، فقامت الشهرة مقام الذكر.
وكذا (٢) قال الفارسيّ متخلصا من عدم إعادة حرف الجر في المعطوف على الضمير (٣) المجرور : إنه مجرور بالجار المقدّر ، أي و «بالأرحام» وإنما حذفت استغناء به في المضمر المجرور [قبله] (٤).
فإن قلت : هذا المقدّر يحيل المسألة ؛ لأنه يصير من عطف الجار والمجرور [١٨٠ / ب] على مثله! قلت : إعادة الجارّ شرط لصحة العطف ؛ لا أنه مقصود لذاته (٥).
[الوجه] (٦) الثالث في أدلته :
ولما كان الحذف لا يجوز إلا لدليل احتيج إلى ذكر دليله (٧).
[والدليل] (٨) تارة يدلّ على محذوف مطلق ، وتارة على محذوف معيّن.
فمنها : أن يدلّ عليه العقل حيث تستحيل (٩) صحة الكلام عقلا إلا بتقدير محذوف ، كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (يوسف : ٨٢) ؛ فإنه يستحيل (١٠) [عقلا تكلم الأمكنة إلا] (١٠) معجزة.
٣ / ١٠٩ ومنها : أن تدلّ عليه العادة الشرعية ، كقوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) (١١) (النحل : ١١٥) فإن الذات ، لا تتّصف بالحلّ والحرمة شرعا ، إنما هما (١٢) من صفات الأفعال الواقعة على الذوات ، فعلم أن المحذوف التناول ؛ ولكنه لما حذف وأقيمت الميتة مقامه أسند
__________________
(١) انظر إتحاف فضلاء البشر : ١٨٥.
(٢) في المخطوطة (قد).
(٣) في المخطوطة (المضمر).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (بالعطف).
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (الدليل).
(٨) ساقطة من المخطوطة.
(٩) في المخطوطة (يستحيل).
(١٠) العبارة ليست في المخطوطة ، وكتب مكانها (لنبيه).
(١١) الآية في المخطوطة ()(إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) [الأعراف : ٣٣].
(١٢) في المخطوطة (وأنهما) بدل (إنما هما).