من في القبور. والله (١) ينزّل الماء على الأرض الهامدة فتنبت من كل زوج بهيج ، والقادر على إحياء الأرض بعد موتها يبعث من القبور.
ومنه قوله (٢) تعالى : (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) (ص : ٢٦) مقدّمتان ونتيجة ، لأن اتباع الهوى يوجب (٣) الضلال ، والضلال يوجب سوء العذاب ؛ فأنتج أنّ اتباع الهوى يوجب سوء العذاب.
وقوله : (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) (الأنعام : ٧٦) ، أي القمر أفل ، وربي فليس بآفل ، فالقمر ليس بربّي ، أثبته بقياس اقتراني جليّ من الشكل الثاني ، واحتج بالتعبير على الحدوث ، والحدوث (٤) على المحدث.
٣ / ٤٧١
التقسيم
وليس المراد به القسمة العقلية التي يتكلم عليها المتكلم ؛ لأنها قد تقتضي أشياء مستحيلة كقولهم : الجواهر لا تخلو إما أن تكون مجتمعة أو متفرقة ، أو لا مفترقة ولا مجتمعة ، أو مجتمعة ومفترقة معا ، أو بعضها مجتمع وبعضها مفترق ، فإن هذه القسمة صحيحة عقلا ، لكن بعضها يستحيل وجوده (٥) [فإن الشيء لا يكون مجتمعا متفرقا في حالة واحدة وإنما المراد هنا بالتقسيم ما يقتضيه المعنى مما يمكن وجوده] (٥) ، وهو استيفاء المتكلّم أقسام الشيء ؛ بحيث لا يغادر شيئا وهو آلة الحصر ومظنة الإحاطة بالشيء ، كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ (٦) وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) (فاطر : ٣٢) فإنه لا يخلو العالم جميعا من هذه الأقسام الثلاثة (٦) ؛ إما [عاص] (٧) ظالم نفسه ، وإما [سابق] (٨) مبادر إلى الخيرات ، وإما مقتصد فيها ، وهذا من أوضح التقسيمات وأكملها.
__________________
(١) في المخطوطة (وأن الله).
(٢) في المخطوطة (ومنه).
(٣) في المخطوطة (بعض).
(٤) في المخطوطة (وبالحدوث).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٦) تكرار في المخطوطة.
(٧) ساقط من المطبوعة.
(٨) ساقطة من المخطوطة.