الجرجاني (١) : ما من اسم حذف في الحالة التي (٢) ينبغي أن يحذف فيها إلاّ وحذفه أحسن من ذكره. ولله در القائل :
إذا نطقت جاءت بكلّ مليحة |
|
وإن سكتت جاءت بكل مليح |
الثاني في أسبابه :
فمنها : مجرد الاختصار والاحتراز عن العبث بناء على الظاهر ، نحو : الهلال والله ، أي هذا ، فحذف المبتدأ استغناء (٣) عنه بقرينة شهادة الحال ، إذ لو ذكره مع ذلك لكان عبثا من القول.
ومنها : التنبيه على أن الزمان يتقاصر عن الإتيان بالمحذوف ، وأن الاشتغال بذكره يفضي إلى تفويت المهمّ ، وهذه هي فائدة باب التحذير ؛ نحو : إياك (٤) والشرّ ، والطريق الطريق والله (٥) الله. وباب الإغراء هو لزوم (٦) أمر يحمد به ، وقد اجتمعا في قوله تعالى :
(ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) [الشمس : ١٣) (٧) [على التحذير ؛ أي احذروا ناقة الله فلا تقربوها ، و «سقياها»] (٧) إغراء بتقدير الزموا [ناقة الله] (٨).
٣ / ١٠٦ ومنها التفخيم والإعظام ؛ قال حازم (٩) في «منهاج البلغاء» : إنما يحسن الحذف (١٠) ما لم يشكل (١١) به المعنى ، لقوة الدلالة عليه ، أو يقصد به تعديد أشياء ، فيكون في تعدادها طول وسآمة ، فيحذف (١٢) ويكتفي بدلالة الحال عليه ، وتترك النفس تجول في الأشياء المكتفى بالحال [١٨٠ / أ] عن ذكرها على الحال. قال : وبهذا القصد يؤثّر في المواضع التي يراد بها التعجب والتهويل على النفوس ، ومنه قوله تعالى في وصف أهل الجنة : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) (الزمر : ٧٣) فحذف الجواب ؛ إذ كان وصف ما يجدونه ويلقونه عند ذلك لا يتناهى ، فجعل الحذف دليلا على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه ، وتركت النفوس تقدّر ما شأنه ،
__________________
(١) تقدم التعريف به في ٢ / ٤٢٠.
(٢) في المخطوطة (الذي).
(٣) في المخطوطة (للاستغناء).
(٤) في المخطوطة (إياي).
(٥) في المخطوطة (الله الله).
(٦) في المخطوطة (بلزوم) بدل (هو لزوم).
(٧) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٨) ليست في المخطوطة.
(٩) تقدم التعريف به وبكتابه في ١ / ١٥٥.
(١٠) في المخطوطة (الفعل).
(١١) في المخطوطة (يشتمل).
(١٢) في المخطوطة (يحذف).