(البقرة : ٦٠) ، أي فضرب فانفجرت. فقوله : (فَكَرِهْتُمُوهُ) (الحجرات : ١٢) كلام مستأنف ، وإنما دخلت الفاء لما في الكلام من معنى الجواب ؛ لأن قوله : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ) (الحجرات : ١٢) كأنهم قالوا في جوابه : لا ، فقال : فكرهتموه ؛ أي فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة.
قال ابن الشجريّ (١) : وهذا التقدير بعيد ؛ لأنه قدر المحذوف موصولا ، وهو «ما» المصدرية ، وحذف الموصول ، وإبقاء صلته ضعيف ؛ وإنما التقدير : فهذا كرهتموه ؛ والجملة المقدرة المحذوفة ابتدائية لا أمرية ، والمعنى : فهذا كرهتموه ، والغيبة مثله ؛ وإنما قدرها أمرية ليعطف عليها الجملة الأمرية [التي] (٢) في قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) (الحجرات : ١٢).
حذف القول
قد كثر في القرآن العظيم حتى إنه في الإضمار بمنزلة الإظهار ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (الزمر : ٣) ، أي يقولون : ما نعبدهم إلا للقربة.
ومنه : (وَنَزَّلْنا (٣) عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى * كُلُوا) (طه : ٨٠ ـ ٨١) ، أي وقلنا كلوا ، أو قائلين.
وقوله : (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا [مِنْ رِزْقِ اللهِ]) (٤) (البقرة : ٦٠) ، أي قلنا (٥). (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا) (البقرة : ٦٣) ، [أي وقلنا : خذوا] (٦). (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) (البقرة : ١٢٥) ، أي وقلنا : اتخذوا. ٣ / ١٩٧
وقوله : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ [وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا]) (٧) (البقرة : ١٢٧) ، أي يقولان : ربنا. وعليه قراءة عبد الله (٨).
__________________
(١) في الأمالي ١ / ١٤٩ و٢ / ٣٢٩.
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) في المخطوطة (وَأَنْزَلْنا). [البقرة : ٥٧].
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) في المخطوطة (أي قائلا أنت).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) ليست في المخطوطة.
(٨) ذكرها أبو حيّان في البحر المحيط ١ / ٣٨٨.