على أن المؤمنين : يجتمعون وهم مطيعون يحتاج إلى نظر واستدلال ، حتى يكسب الناظر المعرفة والعلم ؛ وإنما النفاق ـ وما فيه من الفتنة والفساد ـ أمر دنيوي مبنيّ على العادات معلوم عند الناس ، فلذلك قال فيه (يَعْلَمُونَ). ٣ / ٤٦٣
وأيضا فإنّه لما ذكر السّفه في الآية الأخرى (١) ـ وهو جهل ـ كان ذكر العلم طباقا وعلى هذا تجيء فواصل القرآن ، وقد سبق في بابه.
***
ومن المقابلة قوله تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً) (البقرة : ٢٦٨) ، فتقدم اقتران الوعد بالفقر والأمر بالفحشاء ، ثم قوبل بشيء واحد وهو الوعد ، فأوهم الإخلال بالثاني ، وليس كذلك ؛ وإنما لما كان الفضل مقابلا للفقر ، والمغفرة مقابلة للأمر بالفحشاء ؛ لأن الفحشاء توجب العقوبة ، والمغفرة تقابل العقوبة ، استغني بذكر المقابل عن ذكر مقابله ، لأن ذكر أحدهما ملزوم ذكر الآخر.
تقسيم
٣ / ٤٦٤ من مقابلة اثنين باثنين : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) (التوبة : ٨٢).
ومن مقابلة أربعة بأربعة : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ...) (الليل : ٥ إلى ١٠) الآية.
ومن مقابلة خمس بخمس قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) (البقرة : ٢٦) ، للدلالة على الحقير والكبير (٢) ؛ وهو من الطباق الخفيّ ، الثاني : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) ، الثالث : (يُضِلُّ [بِهِ كَثِيراً] (٣) وَيَهْدِي بِهِ [كَثِيراً] (٣)) ، والرابع (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) (البقرة : ٢٧) ، الخامس (يَقْطَعُونَ) و (أَنْ يُوصَلَ).
ومن مقابلة ست (٤) [بستّ] (٥) : قوله تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ
__________________
(١) وهي قوله تعالى (قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) (البقرة : ١٣).
(٢) في المخطوطة (الكثير).
(٣) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (ستة).
(٥) ساقطة من المخطوطة.