يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) (آل عمران : ٧٩ ـ ٨٠) على قراءة من نصب (يَأْمُرَكُمْ) (١) عطفا على (يُؤْتِيَهُ) ف «لا» زائدة مؤكّدة لمعنى النفي السابق.
وقيل : عطف على (يَقُولَ) ، والمعنى : ما كان لبشر أن ينصبه الله للدعاء إلى عبادته وترك الأنداد ، ثم يأمر الناس [١٧٦ / أ] بأن يكونوا عبادا له ، ويأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا.
وقيل : ليست زائدة لأنه عليه الصلاة والسلام كان ينهى قريشا عن عبادة الملائكة ، وأهل الكتاب عن عبادة عزير وعيسى ؛ فلما قالوا له : أنتخذك ربّا؟ قيل لهم : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكمة ، ثم يأمر الناس بعبادته ، وينهاهم عن عبادة الملائكة والأنبياء.
وأما «من» فإنّها تزاد في الكلام الوارد بعد نفي أو شبهه ؛ نحو : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها) (الأنعام : ٥٩). (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) (الملك : ٣). (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) (المؤمنون : ٩١).
٣ / ٨٣ وجوّز الأخفش (٢) زيادتها مطلقا ؛ محتجّا بنحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) (الأنعام : ٣٤). (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (نوح : ٤). (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) (الحج : ٢٣ ، الكهف : ٣١). (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) (البقرة : ٢٧١).
وأما «ما» في نحو قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) (آل عمران : ١٥٩) ، وقوله : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ) (المائدة : ١٣) ف «ما» في هذين الموضعين زائدة ؛ إلاّ أنّ فيها فائدة جليلة ؛ وهي أنه لو قال : فبرحمة (٣) [من الله لنت لهم ، وبنقضهم لعنّاهم ، جوّزنا أنّ اللين واللعن كانا للسببين المذكورين ولغير ذلك ، فلما أدخل «ما» في الموضوعين قطعنا بأن اللين لم يكن إلاّ للرحمة ، وأن اللعن لم يكن إلا لأجل نقض الميثاق] (٣).
وأما الباء فتزاد في الفاعل ؛ نحو «كفى بالله» ، أي كفى الله ، ونحو «أحسن بزيد»! إلا أنها في التعجب لازمة. ويجوز حذفها في فاعل (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) (الرعد : ٤٣) ، (وَكَفى بِنا
__________________
(١) عاصم وحمزة وابن عامر «ولا يأمركم» بنصب الراء ، والباقون برفعها ، وأبو عمرو على أصله في الاختلاس والإسكان. (الداني ، التيسير ص : ٨٩).
(٢) هو سعيد بن مسعدة المجاشعي أبو الحسن الأخفش تقدم ذكره في ١ / ١٣٤.
(٣) اضطربت العبارة في المخطوطة.