«عليهم» لأنه ليس في الضمير ما في قوله : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) من ذكر الظلم المستحق به العذاب.
وجعل منه الزمخشري (١) قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (الكهف : ٣٠).
وقوله تعالى : (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (البقرة : ٨٩) والأصل «عليهم» للدلالة على أن اللعنة لحقتهم لكفرهم.
وليس من ذلك قوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف : ٩٠) ؛ فإنّ العلة قد تقدمت في الشرط ؛ وإنما فائدة ذلك إثبات صفة أخرى زائدة. وقال الزمخشري (٢) : فائدته اشتماله على المتقين والصابرين.
ومنه قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) (النساء : ٦٤) لأن شفاعة (٣) من اسمه الرسول من الله بمكان عظيم.
وقوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (الأنعام : ٢١) ؛ والقياس «أنهم لا يفلحون» ، ولو ذكر الظاهر لقال : «لا يفلح المفترون» أو «الكاذبون» لكن صرّح بالظلم تنبيها على أن علّة عدم الفلاح الظلم.
وقوله : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (الأعراف : ١٧٠) ، ولم يقل : «أجرهم» تنبيها على أنّ صلاحهم علّة لنجاتهم.
وقوله : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر : ١ ، ٢) ولم يقل : «لنا» ؛ لينبه على أنه أهل لأن يصلّى له ؛ لأنه ربه الذي خلقه وأبدعه وربّاه بنعمته. ٢ / ٤٩٤
وكقوله تعالى : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) (البقرة : ٩٨) قال الزمخشري (٤) : أراد «عدوا لهم» ، فجاء بالظاهر ليدل على أن الله
__________________
(١) الكشاف ٢ / ٣٨٩.
(٢) الكشاف ٢ / ٣٧٤.
(٣) في المخطوطة (الشفاعة).
(٤) الكشاف ١ / ٤٩٤.