(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ) (الأنعام : ٧٩).
(اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [أَرَضِيتُمْ]) (١) (التوبة : ٣٨).
***
الثالث : اعلم أن الجناس من المحاسن اللفظية لا المعنوية ، ولهذا تركوه عند قوة المعنى بتركه ؛ ولذلك (٢) مثالان :
أحدهما قوله : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) (الصافات : ١٢٥) ، فذكر الرازي في «تفسيره» (٣) : «أن الكاتب الملقب بالرشيد (٤) ، قال : لو قيل : «أتدعون بعلا وتدعون أحسن الخالقين». [لكان] (٥) تحصل (٦) به رعاية معنى التجنيس أيضا ؛ مع كونه موازنا ل «تذرون».
وأجاب الرازي : بأن فصاحة القرآن ليست لأجل رعاية هذه التكلّفات ، بل لأجل قوة المعاني وجزالة الألفاظ».
وقال بعضهم : مراعاة المعاني أولى من مراعاة الألفاظ ، فلو كان «أتدعون» «وتدعون» ٣ / ٤٥٣ كما قال هذا القائل لوقع الإلباس على القارئ فيجعلهما بمعنى واحد تصحيفا منه ، وحينئذ (٧) فينخرم اللفظ ، إذا قرأ و «تدعون» الثانية بسكون الدال ؛ لا سيما وخط المصحف الإمام لا ضبط فيه ولا نقط.
قال : ومما صحّف من القرآن بسبب ذلك وليس بقراءة قوله تعالى : (قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ) (الأعراف : ١٥٦) بالسين المهملة.
وقوله : (إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) (التوبة : ١١٤) بالباء الموحدة.
وقوله : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (عبس : ٣٧) بالعين المهملة.
وقرأ ابن عباس : «من تدعون» (٨) على الاستفهام.
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة (ولهذا).
(٣) انظر ٢٦ / ١٦١ و١٦٢.
(٤) في المطبوعة (بالرشيدي) وما صوبناه من المخطوطة وتفسير الرازي.
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) في المخطوطة (يحصل).
(٧) في المخطوطة (حينئذ).
(٨) تصحفت في الأصول إلى (فرعون) والتصويب من السياق السابق.