والثاني : أن يكون في التأخير إخلال ببيان المعنى ، كقوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) (غافر : ٢٨) ، فإنّه لو أخر قوله : (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) (غافر : ٢٨) ، (١) [عن قوله (يَكْتُمُ إِيمانَهُ) لتوهم أنه من صفة يكتم فيكون المعنى : إن الرجل يكتم إيمانه من آل فرعون] (١) فلا يفهم أنه منهم.
٣ / ٢٣٤ / وجعل السكاكي (٢) من (٣) الأسباب كون التأخير مانعا ، مثل الإخلال بالمقصود ، كقوله تعالى : ([وَقالَ الْمَلَأُ] (٤) مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (المؤمنون : ٣٣) بتقديم الحال أعني (مِنْ قَوْمِهِ) (المؤمنون : ٣٣) على الوصف ، أعني (الَّذِينَ كَفَرُوا) (المؤمنون : ٣٣) ولو تأخر لتوهّم أنه من صفة الدنيا ؛ لأنها هاهنا اسم تفضيل ؛ من الدنو ، وليست اسما ، والدنوّ يتعدّى ب «من» ، وحينئذ يشتبه الأمر في القائلين أنهم (٥) أهم : من قومه أم لا؟ فقدّم لاشتمال (٦) التأخير على الإخلال ببيان المعنى المقصود ؛ وهو كون القائلين من قومه. وحين أمن (٧) هذا الإخلال بالتأخير قال (٨) تعالى في موضع آخر من هذه السورة. (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ (٩) [ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ] (٩)) (المؤمنون : ٢٤) ، بتأخير المجرور عن صفة المرفوع.
***
الثالث : أن يكون في التأخير إخلال بالتناسب ، فيقدّم لمشاكلة الكلام ولرعاية الفاصلة ، كقوله : (١٠) [وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ] (١٠) إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (فصلت : ٣٧) ، بتقديم «إياه» على «تعبدون» لمشاكلة رءوس الآي ؛ وكقوله : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) (طه :
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٢) انظر مفتاح العلوم : ٢٣٩ ، النوع الثالث من أنواع باب التقديم والتأخير مع الفعل.
(٣) في المخطوطة (في).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (هم) بدل (أنهم أهم).
(٦) في المخطوطة (كاشتمال).
(٧) في المخطوطة (وخيرا من). بدل (وحين أمن).
(٨) تصحفت في المخطوطة إلى (وقال).
(٩) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(١٠) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.