والثاني : أن الجواب محذوف عطف عليه قوله : (وَفُتِحَتْ) كأنه قال «حتّى إذا جاءوها وفتحت» قال الزجاج وغيره : وفي هذا حذف المعطوف وإبقاء المعطوف عليه.
والثالث : أن الجواب محذوف آخر الكلام ؛ كأنه قال بعد الفراغ : استقروا ، أو خلّدوا ، أو استووا ؛ مما يقتضيه المقام ؛ وليس فيه حذف معطوف. ويحتمل أن يكون التقدير : إذا جاءوها أذن لهم في دخولها وفتحت أبوابها ؛ المجيء ليس سببا مباشرا للفتح ؛ بل الإذن في الدخول هو السبب (١) في ذلك.
وكذلك قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ) (٢) [ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا] (٢) (التوبة : ١١٨) أي رحمهم ثم تاب عليهم ؛ وهذا التأويل أحسن من القول بزيادة «ثم».
وحذف المعطوف عليه وإبقاء المعطوف سائغ ، كقوله تعالى : (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) (الفرقان : ٣٦) ، التقدير والله أعلم : فذهبا فبلّغا ، فكذّبا فدمّرناهم ؛ لأن المعنى يرشد إلى ذلك.
وكذا [١٩٦ / ب] قوله [تعالى] (٣) : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ) (البقرة : ٥٤) أي فامتثلتم ، أو (٤) فعلتم فتاب عليكم.
وقوله : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (الصافات : ١٠٣) ، أي رحما وسعدا وتله.
وابن عطية (٥) يجعل التقدير : فلما أسلما أسلما ؛ وهو مشكل.
٣ / ١٩١ وقوله : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا) (الأنبياء : ٩٧) ، المعنى : حتى إذا كان ذلك ندم الذين كفروا ولم ينفعهم إيمانهم ؛ لأنه من الآيات والأشراط.
وقد يجيء في الكلام شرطان ؛ ويحذف جواب أحدهما اكتفاء بالآخر كقوله تعالى :
__________________
(١) في المخطوطة (سبب).
(٢) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (أي).
(٥) هو عبد الحق بن غالب الغرناطي صاحب المحرر الوجيز تقدمت ترجمته في ١ / ١٠١.