الثالث : إذا طال الكلام وخشي تناسي الأول أعيد ثانيا تطرية له ، وتجديدا لعهده (١) ، كقوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل : ١١٩).
وقوله : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ...) [النحل : ١١٠] الآية.
وقوله : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (البقرة : ٨٩) ثم قال : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا) فهذا تكرار للأول ، ألا ترى أن لما لا تجيء بالفاء! ومثله : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ) (آل عمران : ١٨٨) ، ثم قال : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) (آل عمران : ١٨٨).
وقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) (البقرة : ٢٥٣) ، ثم قال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) (البقرة : ٢٥٣).
ومنه قوله : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (يوسف : ٤).
وقوله : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) (المؤمنون : ٣٥) فقوله : (أَنَّكُمْ) الثاني بناء على الأول ، إذكارا (٢) به خشية [١٦٣ / أ] تناسيه.
وقوله : (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (الروم : ٧).
وكذلك قوله : (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (الصافات : ١٠٥ إلى ١٠٧) إلى قوله : (كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (الصافات : ١٠٥).
بغير (إِنَّا) وفي غيره من مواضع ذكر (إِنَّا كَذلِكَ) ، لأنه يبنى على ما سبقه في هذه الصّفة (٣) من قوله (إِنَّا كَذلِكَ) ؛ فكأنه صرّح (٤) فيما اكتفى بذكره أولا عن ذكره ثانيا. ولأن التأكيد بالنسبة ، فاعتبر اللفظ من حيث هو دون توكيده (٥).
__________________
(١) في المخطوط «وتجديد العهد».
(٢) في المخطوط «وإذكارا».
(٣) في المطبوعة «القصّة».
(٤) في المطبوعة «طرح».
(٥) في المخطوطة «تأكيده».