على المعنى المجازي دون الحقيقي ، لأنّ ما بالذّات لا يزول بالغير ولامتنع نقله (١) من معنى إلى معنى آخر بحيث لا يفهم منه (٢) عند الإطلاق إلّا المعنى الثّاني ، [وقد تأوّله] أي القول بدلالة اللّفظ لذاته [السّكّاكي] أي صرفه (٣) عن ظاهره وقال : إنّه (٤) تنبيه على ما عليه أئمّة علمي الاشتقاق والتّصريف (٥) من أنّ للحروف في أنفسها خواصّ بها تختلف ، كالجهر والهمس والشّدة والرّخاوة والتّوسط بينهما (٦)
________________________________________________________
(١) أي نقل اللّفظ من معنى حقيقي إلى معنى حقيقي آخر ، وهذا أي امتناع النّقل هو الدّليل الثّالث على فساد القول المذكور.
(٢) أي لا يفهم من اللّفظ المنقول «عند الإطلاق» أي عند عدم القرينة إلّا المعنى الثّاني أي المعنى المنقول اليه ، وهو باطل لما ذكر آنفا من أنّ ما بالذّات لا يزول بالغير.
والمتحصّل ممّا ذكرنا أنّ دلالة اللّفظ على معناه لو كانت لذاته للزم عليه الأمور المذكورة ، والحال أنّها باطلة فالملزوم مثله.
(٣) أي حمل القول المذكور على خلاف ظاهره ، وذلك أنّ معنى قوله : «يدلّ لذاته» أي أنّ فيه وصفا ذاتيّا يناسب أن يوضع بسببه لمعنى دون معنى آخر ، فالمناسبة سبب للوضع لا أنّ المناسبة سبب للدّلالة من دون الحاجة إلى وضع الواضع كما هو ظاهره.
(٤) أي القول المذكور «تنبيه» أي ذو تنبيه.
(٥) أي هذا الكلام يدلّ على أنّ كلّ منهما علم مستقلّ ، وهو الحقّ لامتياز موضوع كلّ منهما عن موضوع الآخر بالحيثيّة المعتبرة ـ في موضوعات العلوم ، فعلم التّصريف يبحث عن مفردات الألفاظ من حيث أصالة حروفها وزيادتها وصحّتها واعتلالها وهيئاتها ، وعلم الاشتقاق يبحث عن مفردات الألفاظ من حيث انتساب بعضها إلى بعض بالأصالة والفرعيّة ، هذا ما ذكر بعض في شرح المفتاح.
(٦) أي بين الشّدّة الرّخاوة الشّدة انحصار صوت الحرف عند إسكانه في مخرجه انحصارا تامّا ، فلا يجري في غيره ، والرّخاوة عدم انحصار صوت الحرف في مخرجه عند إسكانه ، فيجرّ الصّوت في غير مخرجه جريا تامّا ، والتّوسط أن لا يتمّ الانحصار ، والجري «والجهر» هو خروج الحرف بصوت قويّ ، ويعلم ذلك بالوقف على الحرف بعد همزة كأب وأخ ، «والهمس» هو خروج الحرف بصوت غير قوي ، والحروف المهموسة يجمعها قولك : فحثه