[أو المجرور (١) نحو : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(١)] فإنّ ذكر العذاب (٢) قرينة على أنّ ـ بشّر ـ استعارة تبعيّة تهكميّة وإنّما قال ـ ومدار قرينتها على كذا (٣) ـ لأنّ القرينة لا تنحصر فيما ذكر ، بل قد يكون حاليّة كقولك ـ قتلت زيدا ـ إذا ضربته ضربا شديدا. ـ [و] الاستعارة [باعتبار آخر] غير اعتبار الطّرفين والجامع واللّفظ (٤) [ثلاثة (٥) أقسام] لأنّها أمّا أنّ لا تقترن بشيء (٦) يلائم المستعار له والمستعار منه ،
________________________________________________________
الطّعنات أو الأسنّة على طريق الاستعارة التّبعيّة.
(١) أي بأن يكون تعلّق الفعل أو ما يشتقّ منه بالمجرور غير مناسب ، فيدلّ ذلك على أنّ المراد بمعناهما ما يناسب ذلك المجرور.
(٢) أي الّذي هو مجرور بالباء قرينة على أنّ (بشّر) استعارة ، وذلك فإنّ التّبشير إخبار بما يسرّ ، فلا يناسب تعلّقه بالعذاب ، فمن تعلّقه بالعذاب علم أنّ المراد به ضدّه وهو الإنذار ، أعني الإخبار بما يحزن ، فنزّل التّضادّ منزلة التّناسب تهكّما ، فشبّه الإنذار بالتّبشير ، ووجه الشّبه منتزع من التّضادّ بواسطة التّهكّم ، كما مرّ في التّشبيه ، واستعير التّبشير للإنذار ، واشتقّ من التّبشير (بشّر) بمعنى أنذر على طريق الاستعارة التّصريحيّة التّبعيّة التّهكّميّة ، فصار ذكر العذاب الّذي هو المجرور قرينة على أنّه أريد بالتّبشير ضدّه.
(٣) أي ولم يقل : وقرينتها الفاعل والمفعول والمجرور ، لأنّ القرينة لا تنحصر فيما ذكر ، فلو قال : قرينتها الفاعل والمفعول والمجرور لاقتضى أنّ قرينة التّبعيّة منحصر فيما ذكر ، لأنّ الجملة المعرّفة الطّرفين تفيد الحصر بخلاف قوله : «ومدار قرينتها على كذا» ، فإنّه لا يفيد الانحصار فيما ذكر ، لأنّ دوران الشّيء على الشّيء لا يقتضي ملازمته أبدا عرفا لصحّة انفكاك الدّوران ، كما يقال مدار عيش بني فلان البرّ ويصحّ أن يتعيّشوا بغيره ، فقوله : «ومدار قرينتها على كذا» بمنزلة قوله : والأكثر في قرينتها أو الأصل في قرينتها أن تكون كذا.
(٤) أي بل باعتبار وجود الملائم لأحد الطّرفين وعدم وجوده.
(٥) أي مطلقة ومجرّدة ومرشّحة.
(٦) أي صفة أو تفريع هو القسم الأوّل.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٢١ ، وسورة الانشقاق : ٢٤.