فالأوّل (١) [نحو قوله تعالى : ـ (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا)(١).
[و] الثّاني (٢) [نحو قوله تعالى : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)(٢).
ومن الطّباق] ما سمّاه بعضهم تدبيجا من دبج المطر الأرض إذا زيّنها ، وفسّره (٣) بأن يذكر في معنى من المدح أو غيره ألوان (٤) ،
________________________________________________________
(١) أي فمثال القسم الأوّل : وهو أن يكون أحدهما مثبتا ، والثّاني منفيّا ، نحو قوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) الآية ، فقد جمع بين ـ السّلب والإيجاب ، فإنّ العلم الأوّل منفيّ والثّاني مثبت ، وفيهما تقابل في الجملة ، أي باعتبار النّفي والإثبات مع قطع النّظر عن خصوصيّة العلم لا مطلقا ، لأنّ ـ المنفيّ علم ينفع في الآخرة والمثبت علم لا ينفع ـ فيها ، فلا تنافي بينهما مع هذه الخصوصيّة.
(٢) وهو أن يكون أحدهما أمرا والآخر نهيا ، نحو قوله تعالى : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) ، فقد جمع فيما بين فعلين لمصدر واحد أحدهما نهي ، وهو (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ) ، والآخر أمر وهو (وَاخْشَوْنِ) ، وهذه الآية نظير الآية المتقدّمة ، لأنّ الخشية ليست مأمورا بها ومنهيّا عنها من جهة واحدة ، بل من جهتين فقد أمر بها باعتبار كونها لله تعالى ، ونهى عنها باعتبار كونها للنّاس ، فالتّنافي بينهما إنّما هو في الجملة ، أي باعتبار المتعلّق مع قطع النّظر عن الخصوصيّة لا مطلقا ، لأنّ المأمور بها الخشية لله والمنهي عنها الخشية للنّاس.
(٣) أي فسّره ذلك البعض «بأن يذكر في معنى المدح أو غيره» كالهجاء والرّثاء ونحوهما من المقاصد الّتي يشهد فيها الشّاعر والنّاثر.
(٤) أي ألوان مختلفة ، فذكر الألوان في الكلام تشبيه بما يحدث بالمطر من ألوان النّبات والأزهار ، ويحتمل أن يكون مأخوذا من الدّبج وهو النّقش ، لأنّ الألوان كالنّقش على البساط ، وكذلك الدّيباج للثّوب المعروف.
__________________
(١) سورة الرّوم : ٦ و٧.
(٢) سورة المائدة : ٤٤.