بقتلك وفرحوا به فقد أثّرت في عزّهم ، وهدمت أساس مجدهم بقتل رئيسهم (١). فإن قيل : هذا (٢) من تتابع الإضافات ، فكيف يعدّ من المحسنات؟ قلنا : قد تقرّر أنّ تتابع الإضافات إذا سلم من الاستكراه ملح ولطف ، والبيت من هذا القبيل ، كقوله عليهالسلام : الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ـ الحديث ، هذا تمام ما ذكر من الضّرب المعنوي.
المحسّنات اللّفظيّة
[وأمّا] الضّرب [اللّفظي] من الوجوه المحسنة للكلام [فمنه : الجناس (٣) بين اللّفظين ، وهو تشابههما في اللّفظ (٤)] أي في التّلفظ فيخرج التّشابه في المعنى نحو : أسد وسبع ، أو في مجرّد العدد ، نحو : ضرب وعلم ، أو في مجرّد الوزن ، نحو : ضرب وقتل ، [والتّام من] أي من الجناس [أن يتّفقا] أي اللّفظان [في أنواع الحروف] فكلّ من الحروف التّسعة والعشرين (٥) نوع ، وبهذا (٦) يخرج نحو يفرح ويمرح [و] في
________________________________________________________
(١) وهو عتيبة بن الحارث.
(٢) وحاصل الإشكال : أنّ هذا البيت من تتابع الإضافات ، وهو مخلّ بالفصاحة ، كما تقدّم في أول الكتاب ، فكيف يعدّ من البديع؟!
لأنّا نقول : إنّما يخلّ بالفصاحة إذا كان فيه ثقل واستكراه ، وأمّا إن سلم من الثّقل والاستكراه فهو حسن ولطف ، والبيت من هذا القبيل مع أنّه ليس فيه إلّا إضافتان ، وكيف يخلّ بالفصاحة إذا سلم من الثّقل ، كما في الحديث الشّريف. وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فإنّه غاية في الحسن والسّلاسة.
هذا تمام الكلام في المحسّنات المعنويّة للكلام.
(٣) أي النّوع المسمّى بالجناس ، وهو في الأصل مصدر جانس كقاتل قتالا.
(٤) أي فقط.
(٥) كالألف والباء والتّاء إلى الآخر ، نوع آخر من أنواع الحروف.
(٦) أي باشتراط الاتّفاق في أنواع الحروف الموجودة في اللّفظين «يخرج» عن الجناس التّام «نحو يفرح ويمرح» ، لأنّهما قد اختلفا في الميم والفاء فليس بينهما جناس تام.