(وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) (١) (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(١) و] في البيت نحو [قوله :
إذا لم تستطع شيئا فدعه |
|
وجاوزه إلى ما تستطيع] |
[ومنه] أي ومن المعنوي ، [المشاكلة] وهي ذكر الشّيء (٢) بلفظ غيره لوقوعه] أي ذلك الشّيء [في صحبته] أي ذلك الغير [تحقيقا أو تقديرا] أي (٣) وقوعا محقّقا أو مقدّرا ، فالأوّل نحو قوله : ـ قالوا اقترح ـ شيئا] من ، اقترحت عليه شيئا إذا سألته إيّاه من غير رويّة ، وطلبته على سبيل التّكليف والتّحكّم ، وجعله من اقترح الشّيء ابتدعه ، غير مناسب على ما لا يخفى.
________________________________________________________
(١) فقوله تعالى : (لِيَظْلِمَهُمْ) إرصاد ، لأنّه يدلّ على أنّ مادّة العجز من مادّة الظّلم إذ لا معنى لأن يقال مثلا : وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم ينفعون ، أو يمنعون من الهلاك ، أو نحو ذلك ، وأمّا الصّيغة وكونها مختومة بنون بعد واو ، فتعرف بحرف الرّويّ الكائن فيما بعد هذه الآية ، أعني قوله تعالى : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
أمّا الإرصاد في البيت نحو عمرو بن معدي كرب فهو في قوله : «إذا لم تستطع» لأنّه يدلّ على أنّ مادّة العجز من مادّة الاستطاعة الموجبة لا السّالبة ، إذ لا يصحّ أن يقال : إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما لا تستطع ، أو إلى كلّ ما تشتهيه ، أو إلى كلّ ما تريد ، ولو كنت لا تستطيعه أو نحو ذلك ، والذّوق السّليم شاهد صدق على ذلك.
(٢) أي المشاكلة عبارة عن ذكر الشّيء كالخياطة في لمثال الآتي «بلفظ غيره» كالطّبخ فيه لوقوعه في صحبته ، أي لوقوع ذلك الشّيء أعني الخياطة في صحبة ذلك الغير أعني الطّبخ.
(٣) وهذا التّفسير لدفع ما يوهم أنّ قوله : «تحقيقا» راجع للذّكر ، وليس كذلك بل هو راجع إلى الوقوع ، فالمراد بقوله : «تحقيقا» أن يذكر ذلك الشّيء ـ بلفظ غيره لوقوعه في صحبة ذلك ـ الغير صحبة تحقّيق ، بأن يذكر ذلك الغير عند ـ ذكر الشّيء ، والمراد بقوله : ـ «تقديرا» أن يحصل العلم بذلك الغير عند ذكر الشّيء فصار الغير مقدّرا ، والمقدّر كالمذكور ، فوقع ذلك الشّيء في صحبة ذلك الغير.
وكيف كان فالأوّل وهو ذكر الشّيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته وقوعا محقّقا «نحو قوله : قالوا اقترح شيئا» من اقترحت عليه شيئا تقول ذلك «إذا سألته» أي سألت فلانا الشّيء «من
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٤٠.