[فظهر (١) أنّها تخالف المجاز من جهة إرادة المعنى الحقيقي مع إرادة لازمه (٢)] كإرادة طول النّجاد مع إرادة طول القامة ، بخلاف المجاز فإنّه لا يجوز فيه إرادة المعنى الحقيقي ، للزوم القرينة المانعة عن إرادة المعنى الحقيقي (٣). وقوله : من جهة إرادة المعنى ، معناه من جهة جواز إرادة المعنى (٤) ، ليوافق (٥)
________________________________________________________
والحاصل إنّ النّجاد حمائل السّيف ، فطول النّجاد يستلزم طول القامة ، فإذا قيل : فلان طويل النّجاد ، فالمراد أنّه طويل القامة ، فقد استعمل اللّفظ في لازم معناه مع جواز أن يراد بذلك الكلام الإخبار بأنّه طويل حمائل السّيف وطويل القامة ، أي مع جواز أن يراد كلا المعنيين ، أي المعنى الحقيقي وهو طول حمائل السّيف ، والمعنى المجازي ، وهو طول القامة.
(١) أي فظهر ممّا ذكرنا من جواز إرادة المعنى الأصلي أنّ الكناية تخالف المجاز من جهة جواز إرادة المعنى الحقيقي.
(٢) أي هذا القيد إنّما يكون فصلا لإخراج المجاز عند من يمنع الجمع بين الحقيقة والمجاز كالمصنّف.
(٣) أي لأنّ المجاز تلزمه قرينة تمنع عن إرادة الحقيقة مثلا ، لا يجوز في قولنا : رأيت أسدا في الحمّام أن يراد بالأسد الحيوان المفترس ، لأنّ معه قرينة تدلّ على عدم إرادة معناه الحقيقي ، فلو انتفى هذا انتفى المجاز ، لانتفاء الملزوم بانتفاء اللّازم.
والحاصل إنّ الفرق بين المجاز والكناية من وجهين :
أحدهما : إنّ الكناية لا تنافي إرادة الحقيقة بلفظها ، فلا يمتنع في قولنا : فلان طويل النّجاد أن نريد طول نجاده من غير ارتكاب تأويل مع إرادة طول قامته ، والمجاز ينافي ذلك فلا يصحّ في نحو قولك : في الحمّام أسد أن تريد مع الأسد الرّجل الشّجاع من غير تأويل.
والثّاني : إنّ معنى الكناية هو الانتقال من الملزوم إلى اللّازم ، وليس مبنى المجاز كذلك.
(٤) أي هذا الكلام إشارة إلى حذف المضاف ، أعني كلمة جواز.
(٥) أي قوله : «ليوافق ما ذكره ...» تعليل لتقدير لفظ الجواز المضاف إلى إرادة ، إذ كلام المصنّف في تعريف الكناية مشتمل على ذكر لفظ الجواز ، حيث قال : «لفظ ـ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه».