كالاتّفاق في الغرض العامّ في أنّه لا يعدّ سرقة ، ولا أخذا [وإلّا] أي وإن لم يكن يشترك النّاس في معرفته (١) ، [جاز (٢) أن يدعى فيه] ، أي في هذا النّوع من وجه الدّلالة [السّبق والزّيادة (٣)] بأن يحكم بين القائلين فيه بالتّفاضل ، وأنّ أحدهما فيه أكمل من الآخر ، وأنّ الثّاني زاد على الأوّل أو نقص عنه. [وهو] أي ما لا يشترك النّاس في معرفته من وجه الدّلالة على الغرض (٤) ، [ضربان] أحدهما [خاصّي في نفسه غريب] لا ينال إلّا بفكر [و] الآخر [عامّي تصرّف فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة كما مرّ (٥)] في باب التّشبيه والاستعارة من تقسيمها إلى الغريب الخاصّي ، والمبتذل العامّي الباقي على ابتذاله ، والمتصرّف فيه بما يخرجه إلى الغرابة. [فالأخذ والسّرقة (٦)] ،
________________________________________________________
(١) أي معرفة طريق الدّلالة على الغرض بأن كان لا يصل إليه كلّ أحد لكونه ممّا لا ينال إلّا بفكر بأن كان مجازا مخصوصا ، أو كناية ، أو تشبيها على وجه لطيف.
(٢) أي صحّ أن يدعى فيه ... ، بخلاف ما تقدّم فإنّه لا يصحّ أن يدعى فيه ذلك.
(٣) يحتمل أنّ المراد بالسّبق التقدّم ، أي جاز أن يدّعى أنّ أحدهما أقدم ، والآخر أخذه من ذلك الأقدم ، وجاز أن يدّعى زيادة أحدهما على الآخر فيه ، وإنّ أحدهما فيه أكمل من الآخر ، وعلى هذا فالعطف مغاير ، وظاهر الشّارح هو الاحتمال الثّاني لأنّ قوله : «بأن يحكم ...» ، يشير إلى أنّه ليس المراد بالسّبق مجرّد التقدّم في الزّمن ، بل السّبق لعلوّ المرتبة والكمال.
(٤) كالدّلالة بالتّشبيه ، والدّلالة بالتّجوّز الخاصّ «ضربان» ، أي نوعان أحدهما «خاصّي في نفسه غريب» لا يدركه من ذاته إلّا الأذكياء كتشبيه الشّمس بالمرآة في كفّ الأشلّ ، فنحو ذلك غريب لا يدرك إلّا بفكر صائب ، وتأمّل صادق ، والآخر «عامّي» يدركه كلّ أحد في أصله لكن «تصرّف فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة كما مرّ» ،
(٥) بيان كلا الضّربين «في باب التّشبيه والاستعارة» ، وقد تقدّم تفصيل ذلك مع الأمثلة المذكورة ثمّة ، فراجع.
(٦) أي الأخذ الّذي هو السّرقة في الجملة من أيّ قسم هو ، أعنى سواء كان من قسم وجه الدّلالة ، أو من دقّة المعنى فقط. «نوعان» ، أي ينقسم أوّلا إلى نوعين «ظاهر» بأن يكون لو عرض الكلامان على أيّ عقل حكم بأنّ أحدهما أصله الآخر بشرطه المعلوم «وغير ظاهر» بأن يكون بين الكلامين تغيير محوج في كون أحدهما أصله الآخر إلى تأمّل.