وأمّا القسم الأوّل (١) وهو ما يكون المطلوب بالكناية نفس الصّفة ، وتكون النّسبة مصرّحا بها ، فلا يخفى أنّ الموصوف فيها يكون مذكورا لا محالة لفظا أو تقديرا وقوله : في عرض من يؤذى ، معناه في التّعريض به ، يقال : نظرت إليه من عرض بالضمّ (٢) ، أي من جانب وناحية (٣). قال [السّكّاكي : الكناية تتفاوت إلى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة] ، وإنّما
________________________________________________________
بخلاف القسم الثّاني والثّالث من أقسام الكناية ، فإنّ الموصوف فيهما قد يكون مذكورا وقد لا يكون مذكورا ، كما يقال في عرض من يؤذي المسلمين ...» ، فإنّه كناية عن نفي صفة الإسلام عن المؤذي ، وهو غير مذكور في الكلام.
وجه الكناية فيه :
أنّ مدلول الكلام كما تقدّم في بحث تعريف المسند إليه حصر الإسلام فيمن لا يؤذي ، ولا ينحصر فيه إلّا بانتفائه عن المؤذي ، فهو من قبيل الأمير زيد ، وإنّما الفرق في الإثبات والنّفي.
(١) أي يعني به القسم الأوّل من هذين القسمين لا القسم الأوّل من ـ أقسام الكناية ، ومراده ـ تقييد كلام المصنّف في حذف الموصوف في هذا القسم بحالة عدم التّصريح بالنّسبة.
فحاصل الكلام :
إنّ القسم الثّاني من هذين القسمين تارة يكون الموصوف فيه مذكورا ، وتارة غير مذكور في جميع أنواعه.
وأمّا القسم الأوّل فلا يظهر كون الموصوف فيه تارة يكون مذكورا ، وتارة غير مذكور في جميع أنواعه ، بل الموصوف غير مذكور عند عدم التّصريح بالنّسبة ، ومذكور عند التّصريح بالنّسبة جزما وقطعا.
(٢) أي بضمّ العين وزانه وزان قفل.
(٣) أي من أيّ وجه جئته ، أي سواء جئته من يمينه أو يساره أو من جهة أخرى من جهاته السّت ، ففيما نحن فيه لمّا كان المعنى المعرض به كنفي صفة الإسلام عن المؤذي في المثال المذكور منظورا إليه من ناحية المعنى الّذي استعمل فيه اللّفظ ، قيل للّفظ المستعمل في ذلك المعنى عرض ، أي تعريض.