أو على (١) محذوف ، أي هذا إن اتّفقا ، وإن اختلف لفظا المتجانسين [في هيئات الحروف فقطّ] أي واتّفقا في النّوع والعدد والتّرتيب [يسمّى] التّجنيس [محرّفا] لانحراف إحدى الهيئتين عن الهيئة الأخرى ، والاختلاف قد يكون بالحركة.
[كقولهم : جبّة (٢) البرد جنّة البرد] يعني لفظ البرد بالضّمّ والفتح ، [ونحوه (٣)] ، في أن الاختلاف في الهيئة فقطّ قولهم : [الجاهل إما مفرط أو مفرّط (٤)] لأنّ الحرف المشدّد لما كان يرتفع اللّسان عنهما (٥) دفعة واحدة كحرف واحد عدّ حرفا واحدا ، وجعل التّجنيس ممّا الاختلاف فيه في الهيئة فقطّ.
ولذا قال : [والحرف المشدّد] في هذا الباب [في حكم المخفّف] ، واختلاف الهيئة في ـ مفرط ومفرّط ـ باعتبار أنّ الفاء من أحدهما ساكن ومن الآخر مفتوح.
________________________________________________________
(١) أي فيكون من عطف جملة فعليّة على فعليّة.
(٢) أي الجبّة المأخوذة من البرد ، أي الصّوف «جنّة البرد» ، أي وقاية البرد.
ومحلّ الشّاهد : البرد والبرد ، فإنّهما مختلفان في هيئة الحروف بسبب الاختلاف في حركة الباء ، لأنّها في الأوّل ضمّة ، وفي الثّاني فتحة ، وأمّا لفظا الجبّة والجنّة فمن التّجنيس اللّاحق لا المحرّف.
(٣) أي نحو قولهم : جبّة البرد وجنّة البرد في كونه من التّجنيس المحرّف ، لكون الاختلاف في الهيئة قولهم : (الجاهل إما مفرط أو مفرّط).
(٤) والفاء في الأوّل مفرط المخفّف ساكنة ، وفي الثّاني وهو مفرّط المشدّد مفتوحة.
(٥) ضمير «عنهما» راجع إلى الحرف المشدّد ، وإنّما ثنّي باعتبار أنّ المشدّد بمنزلة الحرفين ، وكيف كان فلمّا كانت هيئة اللسّان والضّمّ في النّطق بالحرف المشدّد ليست كهيئتها في النّطق بحرفين منفكّين ، عدّ الحرف المشدّد حرفا واحدا ، وجعل الاختلاف منحصرا باختلاف الهيئتين مع الاتّفاق في نوع الحروف وعددها وترتيبها ، فمفرط ومفرّط من ناحية هذه الأمور الثّلاثة متّفقان ، وجهة اختلافهما في الهيئة فقطّ ، فإنّ الفاء في مفرط المخفّف ساكنة ، ومن مفرّط المشدّد مفتوحة ، لأنّهما في الكتابة شيء واحد ، وأنّ المشدّد يرتفع اللّسان عنهما دفعة واحدة ، ولهذا جعل من التّجنيس الّذي لم يقع الاختلاف إلّا في الهيئة لا في العدد.