[وقرينتها] يعني أنّ الاستعارة لكونها مجازا لا بدّ لها من قرينة مانعة عن إرادة المعنى الموضوع له ، وقرينتها (١) [إمّا أمر واحد كما في قولك : رأيت أسدا يرمي ، أو أكثر (٢)] أي أمران أو أمور يكون كلّ واحد منها (٣) قرينة [كقوله : (٤) فإن تعافوا (٥)] أي تكرهوا [العدل والإيمان* فإنّ في أيماننا نيرانا] أي سيوفا تلمع (٦) كشعل النّيران ، ـ فتعلّق قوله : تعافوا ، بكلّ واحد من العدل والإيمان قرينة على أنّ المراد بالنّيران
________________________________________________________
(١) أي قرينة الاستعارة إمّا شيء واحد يلائم المشبّه ، أي المعنى ـ المجازي ، كقولك : رأيت أسدا يرمي ، لأنّ المراد من الرّمي المستفاد من «يرمي» ، هو الرّمي بالسّهم لا مطلق الرّمي ، وأنّه لا يوجد في المشبّه به ، وتخصيص الشّارح قرينة الاستعارة بالبيان إنّما هو للاعتناء بشأنها ، وإلّا فالقرينة لازمة في كلّ مجاز سواء كان مرسلا أو استعارة.
(٢) أي أكثر من قرينة واحدة.
(٣) أي أن يكون كلّ واحد من تلك الأمور قرينة من دون أن يضمّ إليه الآخر ، فيكون هذا احترازا عن أن يكون كلا الأمرين ، أو مجموع الأمور قرينة.
(٤) أي كقول بعض العرب ، ولم يعرف القائل.
(٥) أي قوله : «تعافوا» مأخوذ من عاف يعاف ، بمعنى كره ، وأصل عاف يعاف عوف يعوف كعلم يعلم ، يقال : عاف الرّجل طعامه وشرابه ، أي كرهه.
فمعنى البيت : إن تكرهوا العدل والإنصاف وتميلوا للجور ، وتكرهوا التّصديق بالنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّ في أيدينا سيوفا تلمع كالنّيران ، نحاربكم ونلجئكم إلى الطّاعة بها ، ثمّ العدل هو وضع الشّيء في محلّه ، فهو مقابل للظّلم ، والإيمان الأوّل في البيت بكسر الهمزة تصديق النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما جاء به عن الله ، والأيمان الثّاني بفتح الهمزة جمع يمين يطلق على القسم وعلى الجارحة المعلومة وهو المراد ، ويصحّ أن يقرأ الأيمان في الموضعين بفتح الهمزة جمع يمين ، والمراد منه القسم في الأوّل والجارحة في الثّاني.
(٦) أي فقد شبّه السّيوف بالنّيران بجامع اللّمعان في كلّ واستعار اسم المشبّه به للمشبّه على طريق الاستعارة المصرّحة ثمّ القرينة على أنّ المراد بالنّيران السّيوف تعلّق الإعافة بكلّ من العدل والأيمان فكلّ واحد من العدل والأيمان باعتبار تعلّق الإعافة به قرينة على أنّ المراد بالنّيران السّيوف.