[ومنها] أي من الوجوه [أن يقع بين متعلّقي فعلين في جملتين نحو : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ)(١)] فالحيّ والميت متعلّقان بيخرج ، وقد قدّم أوّلا الحيّ على الميت ، وثانيا الميت على الحيّ (١).
[ومنها] أي من الوجوه [أن يقع بين لفظين في طرفي جملتين ـ نحو : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ)(٢)] قدّم أوّلا هنّ على هم ، وثانيا هم على هنّ ، وهما لفظان وقع أحدهما (٢) في جانب المسند إليه والآخر في جانب المسند.
[ومنه] أي ومن المعنوي [الرّجوع (٣) وهو العود إلى الكلام السّابق بالنّقص] ، أي
________________________________________________________
إليه ، وهما مبتدأ مرّة وخبر أخرى ، فيصدق أنّ العكس وقع بين أحد طرفي الجملة ، ومن هذا القبيل كلام الملوك ملوك الكلام.
وأمّا معنى المثال فهو أنّ الأمر المعتاد للسّادات ، أي الأكابر والأعيان أفضل وأشرف من الأمور المعتادة لغيرهم ، لكن بشرط أن يكون السّيد سيّدا عملا ، وهذا يعرف من سيرة العظماء والأعيان.
(١) أي فالعكس فيه إنّما هو بين الحيّ والميّت ، وهما متعلّقا فعلين في جملتين.
(٢) وقع أحدهما في جانب المسند إليه والآخر في جانب المسند ، يعني لفظ هنّ وقع في الجملة الأولى في جانب المسند إليه ، وفي الجملة الثّانية في جانب المسند فقد وقع العكس بين هنّ وهم ، حيث قدّم أوّلا هنّ على هم ، ثمّ عكس فأخّر ثانيا هنّ من هم.
والحاصل إنّ الآية المباركة جملتان في كلّ منهما لفظان هما الضّميران أحدهما ـ ضمير جمع المذكّر وهو هم ، والآخر ضمير جمع المؤنّث وهو هنّ ، وقد وقع ضمير ـ المؤنّث منهما في الطّرف الأوّل الّذي هو المسند إليه من الجملة الأولى ، وعكس ذلك في الجملة الثّانيّة فوقع ما لذكور في الطّرف الأوّل منها ، وما للإناث في الطّرف الثّاني منها كما ترى ، فصدق أنّ العكس وقع بين لفظين في طرفي جملتين.
(٣) ويعلم وجه تسميته من معناه «وهو العود» ، أي الرّجوع «إلى الكلام السّابق» من المتكلّم «بالنّقص» أي وهو أن يرجع المتكلّم إلى نقص الكلام السّابق وإبطاله ، فالباء في قوله : «بالنّقص» للمصاحبة ، أي يرجع إلى الكلام السّابق لأجل قصد نقصه بإتيانه بكلام
__________________
(١) سورة يونس : ٣١.
(٢) سورة الممتحنة : ١٠.