مبتدأ محذوف ، [أي الأمر هذا] والحال كذا [أو] مبتدأ محذوف الخبر ، أي [هذا كما ذكر ، و] قد يكون الخبر مذكورا مثل [قوله :] بعد ما ذكر جمعا من الأنبياء عليهمالسلام ، وأراد أن يذكر بعد ذلك الجنّة وأهلها [(هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ)(١)] بإثبات الخبر أعني قوله ـ ذكر ـ وهذا مشعر بأنّه في مثل قوله تعالى : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ) مبتدأ محذوف الخبر.
قال ابن الأثير لفظ هذا ، في هذا المقام من الفصل الّذي هو أحسن من الوصل (١) ، وهو علاقة وكيدة بين الخروج من كلام إلى كلام آخر. [ومنه] أي من الاقتضاب القريب من التّخلّص [قول الكاتب (٢)] ، وهو مقابل للشّاعر عند الانتقال من حديث إلى آخر [هذا باب (٣)] ، فإنّ فيه نوع ارتباط حيث لم يبتدئ الحديث الآخر بغتة.
[وثالثها] أي ثالث المواضع الّتي ينبغي للمتكلّم أن يتأنّق فيها ، [الانتهاء] لأنّه آخر ما يعيه (٤) السّمع ، ويرتسم في النّفس ، فإن كان حسنا مختارا تلقّاه السّمع (٥) ، واستلذّه حتّى جبر ما وقع فيما سبقه من التّقصير وإلّا (٦) كان ، على العكس حتّى ربّما أنساه
________________________________________________________
(١) لأنّ لفظ هذا ينبّه السّامع على أنّ ما يلقى إليه بعده كلام آخر ، والمقصود منه غير المقصود من الأوّل ، فلم يؤت بالكلام الثّاني فجأة حتّى يشوّش على السّامع استماعه لعدم المناسبة ، وأمّا التّخلّص بغير هذا فليس فيه هذا التّنبيه ، فلذا كان أحسن.
(٢) أي الّذي يأتي بكلام غير منظوم ، لأنّ الكاتب في الاصطلاح مقابل الشّعر.
(٣) أي باب المفعول مثلا ، فإنّ فيه نوع ارتباط لأنّه يشعر بأنّه أي الكاتب انتقل من غرض إلى آخر.
(٤) أي يحفظه.
(٥) أي بالقبول ، فتعود ثمرة حسنه إلى مجموع الكلام بالقبول والمدح.
(٦) أي وإن لم يكن الانتهاء حسنا أعرض السّامع عن الكلام وذمّه ، وذلك ممّا قد يعود على مجموع الكلام بالذّمّ ، لأنّه ربّما أنسى محاسنه السّابقة قبل الانتهاء فيعمّه الذّمّ.
__________________
(١) سورة ص : ٤٩.