فالمستعار هو لفظ السّبع الغير المصرّح به (١) ، والمستعار منه هو الحيوان المفترس ، والمستعار له هو المنيّة.
قال صاحب الكشاف : إنّ من أسرار البلاغة ولطائفها أن يسكتوا (٢) عن ذكر الشّيء (٣) المستعار ، ثمّ يرمزوا (٤) إليه بذكر شيء ، من روادفه ، فينبّهوا بذلك الرّمز على مكانه (٥) نحو : شجاع يفترس أقرانه (٦) ، ففيه (٧) تنبيه على أنّ الشّجاع أسد.
هذا كلامه وهو صريح في أنّ المستعار هو اسم المشبّه به المتروك صريحا المرموز إليه بذكر لوازمه (٨).
________________________________________________________
لم نصرّح بالمستعار الّذي هو السّبع ، بل كنّينا عنه ، ونبّهنا عليه بمرادفه لينتقل منه إلى ما هو المقصود استعارته.
(١) أي بل كنّى عنه برديفه ولازمه.
(٢) أي البلغاء.
(٣) أي اللّفظ المستعار.
(٤) أي يشيروا إليه بذكر شيء من روادفه إلى ملائمه ، وهو الأظفار في المثال المعروف.
(٥) أي على وجود ذلك الشّيء المستعار المسكوت عن ذكره ، فالمكان هنا مصدر لكان التّامّة.
(٦) أي فقد شبّه الشّجاع بالأسد تشبيها مضمرا في النّفس ، وادّعى أنّه فرد من أفراده واستعير له اسمه على طريق الاستعارة بالكناية ، وإثبات الافتراس تخييل ، وهو عند صاحب الكشّاف مستعار لإهلاك الأقران ، فهو استعارة تحقيقيّة قرينة للمكنيّة.
(٧) أي ففي هذا الكلام تنبيه على أنّ الشّجاع ثبتت له الأسديّة وأنّه فرد من أفراده ، وقد رمّز لذلك بشيء من روادفه وهو الافتراس.
(٨) أي فصريح كلام الكشّاف موافق للمأخوذ من كلام السّلف في معنى الاستعارة بالكناية ، إلّا أنّه يخالفهم في قرينتها ، وذلك لأنّها عند السّلف يجب أن تكون تخييليّة ، وأمّا عند صاحب الكشّاف فلا يجب أن تكون تخييليّة بل قد يكون تحقيقيّة.
فضابط قرينتها عنده أن يقال إن لم يكن للمشبّه لازم يشبه ما هو مرادف للمشبّه به كانت القرينة تخييليّة ، كما في أظفار المنيّة ، أي مخالبها نشبت بفلان ، وإن كان للمشبّه لازم يشبه