وغير ذلك (١) ، وتلك الخواصّ (٢) تقتضي أن يكون العالم بها إذا أخذ في تعيين شيء مركّب منها (٣) لمعنى لا يهمل التّناسب بينهما (٤) قضاء لحقّ الحكمة ، كالفصم بالفاء الّذي هو حرف رخو لكسر الشّيء من غير أن يبيّن ، والقصم بالقاف الّذي هو حرف شديد لكسر الشّيء حتّى يبيّن وأنّ لهيئات تركيب الحروف أيضا خواصّ كالفعلان والفعلى بالتّحريك (٥) لما فيه حركة ، كالنّزوان (٦) والحيدى ، وكذا باب فعل بالضمّ مثل شرف وكرم (٧) للأفعال الطّبيعيّة اللّازمة.
________________________________________________________
شخص سكت ، وما عداها مجهور ، والحروف الشّديدة يجمعها قولك : أجد قط بكت ، المتوسطة بين الشّدة والرّخوة يجمعها قولك : لن عمر ، وما عداها حروف رخوة.
(١) أي كالاستعلاء والاستفال والتّصحيح والإعلال.
(٢) أي الأوصاف.
(٣) أي إذا أخذ في وضع لفظ مركّب من هذه الحروف.
(٤) أي بين الحروف والمعنى فيضع لفظا فيه رخاوة لمعنى فيه رخاوة وسهولة كالفصم بالفاء الّذي هو حرف رخو ، فإنّه قد وضع لكسر الشّيء بلا بينونة وانفصال ، لأنّه أسهل ممّا فيه بينونة ، ويضع اللّفظ الّذي فيه شدّة لمعنى فيه شدّة كالفصم بالقاف الّذي هو حرف شديد ، فإنّه قد وضع لكسر الشّيء مع بينونة ، لأنّ الكسر مع البينونة والانفصال أشدّ من الكسر بلا بينونة ، ويضع له ما فيه حرف استعلاء لما فيه من علوّ وضدّه لضدّه.
والحاصل أنّه لا بدّ من رعاية المناسبة بين اللّفظ والمعنى قضاء لحقّ الحكمة ، أي أداء لحكمة اتّصاف الحروف بتلك الخواصّ.
(٥) أي بتحريك العين فيهما ، فقد وضعا لما فيه من جنس الحركة.
(٦) أي فالنّزوان مشتمل على هيئة حركات متوالية ، فيناسب ما فيه حركة ، ولذا وضع لضرّاب الذّكر ونزوه على الأنثى ، والحيدى كذلك ، ولذا وضع للحمار الّذي له نشاط في حركاته بحيث إنّه إذا رأى ظلّه ظنّه حمارا حاد منه ، أي فرّ منه ليسبقه لنشاطه.
(٧) أي فإنّ هيئة هذا الباب مشتملة على الضمّ ، والضمّ نظرا إلى معناه اللّغوي ، أي جعل الشّيء ضميمة ولازما لشيء آخر ، ناسب أن يكون مدلوله ضميمة ولازما لشيء ، وبهذه المناسبة وضع هذا الباب للأفعال الطّبيعيّة اللّازمة للإنسان.