[وأيضا] للجناس التّام تقسيم آخر ، وهو أنّه [إن كان أحد لفظيه (١) مركّبا] والآخر مفردا [سمّي جناس التّركيب] وحينئذ [فإن اتّفقا] ، أي اللّفظان المفرد والمركّب ، [في الخطّ (٢) خصّ] هذا النّوع من جناس التّركيب [باسم المتشابه] لاتّفاق اللّفظين في الكتابة ، [كقوله (٣) : إذا ملك لم يكن ذا هبة] أي صاحب هبة وعطاء [فدعه] ، أي اتركه ، [فدولته ذاهبة] ، أي غير باقية. [وإلّا] أي وإن لم يتّفق اللّفظان المفرد والمركّب في الخطّ [خصّ] هذا النّوع من جناس التّركيب [باسم المفروق] لافتراق اللّفظين في صورة الكتابة [كقوله (٤) :
كلّكم قد أخذ الجام ولا جام لنا |
|
ما الّذي ضرّ مدير الجام لو جاملنا] |
أي عاملنا بالجميل (٥) ، هذا إذا لم يكن اللّفظ المركّب مركّبا من كلمة وبعض
________________________________________________________
(١) أي لفظي التّجنيس التّام مركّبا من كلمتين ، أو من كلمة وجزء كلمة ، كما سيأتي بيان ذلك.
(٢) أي اتّفقا في الخطّ زائدا على ما ذكر ، وذلك بأن يكون ما يشاهد من هيئة مرسوم المركّب ، مثل ما يشاهد من مرسوم المفرد ، خصّ هذا النّوع من جناس التّركيب «باسم المتشابه» ، وذلك لتشابه اللّفظين في الكتابة.
(٣) أي قول أبي الفتح البستّي المنسوب إلى بست ، بلد بسجستان.
والشّاهد في ذا هبة الأولى والثّانية ، فالأولى مركّبة من ذا بمعنى صاحب وهبة ، بمعنى عطاء ، والثّانية مفرد ، إذ هو اسم فاعل المؤنّث من ذهب ، وكتابتهما متّفقة في الصّورة ، فالجناس بينهما متشابه.
(٤) أي قول أبي الفتح البستي :
(٥) أي أنّه لا ضرر عليه في معاملتنا بالجميل ، والاستفهام في قوله : «ما الّذي ...» ، إنكاري فيه عتاب على الحاضرين في المجلس ، وتحسّر على حرمانه من الشّرب.
وأمّا الشّاهد : فاللّفظ الأوّل من المتجانسين ، وهو جام لنا مركّب من اسم لا وخبرها ، وهو المجرور مع حرف الجرّ ، والثّاني مركّب من فعل ومفعول ، لكن عدّوا الضّمير المنصوب المتّصل ، كما بيّن في علم الصّرف ، بمنزلة جزء الكلمة ، فصار المجموع في حكم المفرد ، ولذلك صحّ التّمثيل به لمفرد ومركّب ، وإلّا كانا مركّبين.