أراد بأحد ضميري الغضا أعني المجرور في السّاكنيه المكان الّذي فيه شجرة الغضا ، وبالآخر أعني المنصوب في شبّوه ، النّار الحاصلة من شجرة الغضا ، وكلاهما مجازي (١). [ومنه] أي ومن المعنوي [اللّفّ والنّشر ، وهو ذكر متعدّد على التّفصيل (٢) أو الإجمال (٣) ثمّ] ذكر [ما لكلّ واحد] من آحاد هذا المتعدّد [من غير تعيين ثقة] أي الذّكر بدون التّعيين لأجل الوثوق [بأنّ السّامع يردّه إليه] ، أي يردّها لكلّ من آحاد هذا المتعدّد إلى ما هو له ، لعلمه بذلك بالقرائن اللّفظيّة (٤) أو المعنويّة.
[فالأوّل :] وهو أن يكون ذكر المتعدّد على التّفصيل [ضربان ، لأنّ النّشر إمّا على ترتيب اللّفّ] بأن يكون الأوّل من المتعدّد في النّشر للأوّل من المتعدّد في اللّفّ ، والثّاني للثّاني وهكذا (٥) إلى الآخر ، [نحو : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)(١) (٦)] ذكر اللّيل والنّهار على التّفصيل ، ثمّ ذكر ما للّيل
________________________________________________________
فالحاصل أنّه أراد بالضّمير المجرور في السّاكنيه الرّاجع إلى الغضا الشّجر ، وبالضّمير المنصوب في «شبّوه» النّار الحاصلة من شجرة الغضا.
(١) لأنّ أطلاق الغضا على كلّ من المكان النّابت فيه والنّار الموقودة فيه مجاز.
(٢) وذلك بأنّ يعبّر عن كلّ واحد من أفراد مجموع ذلك المعنى المتعدّد بلفظه الخاصّ به بحيث يفصله عمّا عداه.
(٣) وذلك بأن يعبّر عن المجموع ـ بلفظ واحد ، يجتمع فيه ذلك المجموع.
(٤) بأن يقال : رأيت الشّخصين ضاحكا وعابسة ، حيث إنّ التّأنيث قرينة لفظيّة على كون الشّخص العابس هو المرأة ، والضّاحك هو الرّجل ، أو القرينة المعنويّة بأن يقال : لقيت الصّديق والعدوّ فأكرمت وأهنت ، حيث إنّ الإهانة قرينة معنويّة على أنّها للعدوّ ، لأنّ المستحقّ للإهانة هو العدوّ ، للإكرام هو الصّديق.
(٥) أي الثّالث للثّالث ، والرّابع للرّابع ، والخامس للخامس ، وهكذا.
(٦) والشّاهد في أنّه ذكر اللّيل والنّهار على التّفصيل ، ثمّ ذكر ما للّيل وهو السّكون وفيه ، وما للنّهار وهو الابتغاء من فضل الله.
__________________
(١) سورة القصص : ٧٣.