الّتي (١) هي في الجود وعموم العطايا كالسّحاب ، أي يصبّها على أكفائه في الحرب فيلكهم بها (٢) ، ولمّا استعار السّحائب لأنامل الممدوح ذكر أنّ هناك صاعقة ، وبيّن أنّها من نصل سيفه ، ثمّ قال : على أرؤس الأقران ، ثمّ قال : خمس ، فذكر (٣) العدد الّذي هو عدد الأنامل ، فظهر من جميع ذلك (٤) أنّه أراد بالسّحائب الأنامل.
الاستعارة
[وهي] أي الاستعارة (٥) [باعتبار الطّرفين] المستعار منه والمستعار له [قسمان : لأنّ اجتماعهما] أي اجتماع الطّرفين (٦) [في شيء إمّا ممكن نحو : أحييناه في قوله :
________________________________________________________
(١) قوله :
«الّتي هي في الجود ...» إشارة إلى أنّ البيت فيه المحسّنات البديعيّة والاستتباع حيث ضمّن الشّاعر مدح الممدوح بالشّجاعة مدحه بالسّخاوة. والضّمير في قوله : «يصبها» يرجع إلى الصّاعقة ، أي يصبّ الصّاعقة على أكفائه في الحرب.
(٢) أي الصّاعقة حيث يكون المراد بها السّيف.
(٣) أي فذكر الشّاعر العدد الّذي هو عدد الأنامل بأنّه خمس ، ولا شكّ أنّ ذكر العدد قرينة على أنّ المراد بالسّحائب الأنامل ، إذ السّحائب الحقيقيّة ليست خمسا.
(٤) أي من ذكر الصّاعقة ، ومن كونها ناشئة من حدّ سيفه ومن انقلابها على أرؤس الأقران ، ومن كون المنقلب بها خمسا ، أي ظهر من جميع ذلك مرتبطا البعض بالبعض أنّه أراد بالسّحائب الأنامل لا معناها الحقيقي.
وبالجملة إنّ القرينة في هذا المثال ملتئمة من عدّة معان هي ثبوت الصّاعقة ، وكونها من نصل سيفه ، وقلب سحائب إيّاها على رؤوس أقرانه ، ومع هذه القرينة الملتئمة من تلك المعاني لا تبقى شبهة في استعارة السّحاب للأنامل.
(٥) أي الاستعارة تنقسم باعتبار الطّرفين ، وباعتبار الجامع ، وباعتبار الطّرفين والجامع معا.
ويأتي بيان كلّ واحد منهما في محلّه بالتّرتيب المذكور.
(٦) أي وصفهما وعنوانيهما.