أن يستثنى من صفة مدح منفيّة عن الشّيء صفة ذمّ بتقدير (١) دخولها] أي صفة الذّم [فيها] ، أي في صفة المدح (٢) [كقولك : فلان لا خير فيه إلّا أنّه يسيء إلى من أحسن إليه (٣).
وثانيهما (٤) : [أن يثبت للشّيء صفة ذمّ ، وتعقّب بأداة استثناء تليها صفة ذمّ أخرى له] أي لذلك الشّيء ، [كقولك : فلان فاسق إلّا أنّه جاهل] فالضّرب الأوّل يفيد التّأكيد من وجهين ، والثّاني من وجه واحد.
[وتحقيقهما (٥) على قياس ما مرّ] في تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ.
[ومنه] أي ومن المعنوي ، [الاستتباع : وهو المدح بشيء على وجه يستتبع المدح
________________________________________________________
(١) أي بواسطة تقدير أو على تقدير ...
(٢) ومعلوم أنّ نفي صفة المدح ذمّ ، فإذا أثبت صفة ذمّ بعد هذا النّفي الّذي هو ذمّ جاء التّأكيد ، كما تقدّم في تأكيد المدح.
(٣) فقد نفيت صفة مدح ، وهي الخيريّة ، ثمّ استثنيت بعد هذا النّفي الّذي هو ذمّ صفة هي كونه يسيء لمن أحسن إليه ، فيجري فيه ما تقدّم في الضّرب الأوّل في تأكيد المدح ، لأنّه لما كان فيه تقدير الاتّصال لوجود العموم على أن يكون المعنى لا خير فيه إلّا الإساءة للمحسن ، إن كانت خيرا كان فيه التّعليق بالمحال ، فيكون كإثبات الذّمّ بالبيّنة ، وكان فيه أيضا من كون الأصل في الاستثناء الاتّصال الإشعار بأنّه طلب الأصل هو استثناء المدح ليقع الاتّصال ، فلمّا لم يجده استثنى ذمّا ، فجاء فيه ذمّ على ذمّ بوجه أبلغ.
(٤) أي وثاني الضّربين هنا كالثّاني في تأكيد المدح ، «فهو أن يثبت للشّيء صفة ذمّ وتعقّب» تلك الصّفة «بأداة استثناء تليها» ، أي تلي تلك الأداة «صفة ذمّ أخرى ، كقولك : فلان فاسق إلّا أنّه جاهل» ، والاتّصال الّذي يكون معه التّعليق بالمحال لا يوجد فيها أيضا كما تقدّم ، فلا يفيد التّأكيد بالوجه الأوّل ، كما في الضّرب الأوّل ، وإنّما يفيده بالثّاني وهو أن الاستثناء لما كان أصله الاتّصال فالعدول عن الاتّصال إلى الانفصال يشعر بأنّه طلب استثناء المدح فلم يجده ، فأتى بالذّمّ بوجه أبلغ.
فقد تبيّن أن الضّرب الأوّل يفيد بالوجهين ، والثّاني يفيد من وجه واحد.
(٥) أي وتحقيق الضّربين في إفادة التّأكيد من وجهين ، أو من وجه واحد ، «على قياس ما مرّ» في تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ ، فراجع.