التّخييليّة لا توجد بدونها (١) فيما شاع (٢) من كلام الفصحاء ، إذ (٣) لا نزاع في عدم شيوع مثل أظفار المنيّة الشّبيهة بالسّبع ، وإنّما الكلام في الصحّة ، وأمّا وجود الاستعارة بالكناية بدون التّخييليّة فشائع (٤) على ما قرّره صاحب الكشّاف في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ)(١)] (٥).
________________________________________________________
بالاستعارة التبعيّة.
وحاصل الجواب : إنّا لا نسلّم أنّ وجود المكنيّة بدون التّخييليّة ممنوع عند السّكّاكي ، بل هو قائل بذلك ، ثمّ قوله : «بأنّ المراد» أي مراد السّكّاكي بعدم الانفكاك المستفاد من قوله : «لا تنفكّ المكنّى عنها عن التّخييليّة ...» ، وقوله : «بأنّ المراد ...» توطئة للجواب ، ومحطّ الجواب قوله : «وأمّا وجود ...».
(١) أي بدون المكنيّة فتكون التّخييليّة هي الّتي حكم عليها بأنّها لا توجد بدون المكنّى عنها.
(٢) أي قوله : «فيما شاع» إشارة إلى جواب عمّا يقال : كيف تقول : إنّ التّخييليّة لا توجد بدون المكنيّة مع أنّها وجدت في قولك : أظفار المنيّة الشّبيهة بالسّبع أهلكت فلانا! وحاصل الجواب أنّ المنفى هو الوجود الشّائع الفصيح لا مطلق الوجود.
(٣) أي إنّما قيّدنا بقولنا : «فيما شاع» لأنّه لا نزاع ولا خلاف في عدم شيوع مثل ... ، وإنّما الكلام والخلاف في صحّة ذلك المثال ، فهو وإن كان صحيحا عند السّكّاكي إلّا أنّه لا يصحّ عند القوم إلّا إذا جعل الأظفار ترشيحا للتّشبيه لا على أنّه تخييليّة.
(٤) أي وحينئذ فلا يصحّ الاعتراض بوجود المكنيّة بدون التّخييليّة.
(٥) محلّ الشّاهد أنّ العهد استعارة بالكناية.
قال الزّمخشري : فإن قلت : من أين ساغ استعمال النّقض في إبطال العهد؟
قلت : من حيث تسميتهم العهد بالحبل على سبيل الاستعارة لما فيه من ثبات الوصلة بين المتعاهدين فالعهد مشبّه والحبل مشبّه به ، فوزان العهد وزان المنيّة في (أنشبت المنيّة أظفارها) والنّقض قرينة هذه لاستعارة والمستعار له ههنا هو إبطال العهد وهو أمر محقّق لا وهميّ حتّى يكون تخييليّة ، فظهر ممّا ذكره صاحب الكشّاف عدم استلزام المكنيّة للتّخييليّة ، وإلّا لم توجد بدونها ، والحال أنّها وجدت ههنا بدونها.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٧.