وإنّما اختار ذلك (١) إيثارا للضّبط وتقليل (٢) الأقسام ، [وردّ] ما اختاره السّكّاكي [بأنّه (٣) إن قدر التبعيّة] كنطقت في : نطقت الحال بكذا [حقيقة]
________________________________________________________
والحاصل
إنّ ما جعله القوم استعارة تبعيّة من الفعل وما يشتقّ منه والحرف ك (نطقت) وناطقة ولام التّعليل في : نطقت الحال والحال ناطقة بكذا ، جعله السّكّاكي قرينة ، وما جعلوه قرينة التبعيّة من الفاعل والمفعول والمجرور في : نطقت الحال ، وقوله : «نقريهم لهذميّات» ، وقوله تعالى : (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً)(١) مثلا ، جعله السّكّاكي استعارة بالكناية.
(١) أي اختار السّكّاكي ذلك ، أي ردّ الاستعارة التبعيّة إلى الاستعارة المكنّى عنها ، أي ردّ التبعيّة وقرينتها إلى المكنيّة وقرينتها بالجعل المذكور ، «إيثارا للضّبط» أي لأجل أن يكون أقرب للضّبط لما فيه من تقليل أقسام الاستعارة.
(٢) أي من قبيل عطف علّة على معلول ، وإنّما قلّت أقسام الاستعارة على ما اختاره لأنّه لا يقال عليه استعارة أصليّة وتبعيّة ، بل أصليّة فقطّ فتكون الأقسام قليلة ومضبوطة.
(٣) أي السّكّاكي ، ويحتمل أن يكون الضّمير للشّأن ، وقدر على الأوّل بالبناء للفاعل ، وعلى الثّاني بالبناء للمفعول.
وكيف كان فحاصل الردّ على السّكّاكي :
أنّه بعد فرض أنّ التبعيّة الّتي قال بها القوم باقية على معناها الحقيقي ، بأن جعل (نطقت) الّتي هي التبعيّة عند القوم في (نطقت الحال بكذا) مثلا مرادا به معناها الحقيقي وهو النّطق ، وجعل الحال استعارة بالكناية للمتكلّم الادّعائي ، لا تكون التبعيّة المجعولة قرينة المكنيّة عند السّكّاكي استعارة تخييليّة ، لأنّ هذه التبعيّة حقيقة والتّخييليّة مجاز عند السّكّاكي لا حقيقة ، وإذا انتفت التّخييليّة لكونها حقيقة ، يلزم أن توجد الاستعارة بالكناية ههنا بدون التّخييليّة ، وهو باطل باتفاق السّكّاكي وغيره ، لبطلان وجود الملزوم بلا لازم.
والحاصل :
إنّ ردّ التبعيّة إلى المكنّى عنها يستلزم عدم استلزام المكنيّة للتّخييليّة واللّازم باطل فالملزوم مثله.
__________________
(١) سورة القصص : ٨.