(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ)(١)] أي أهل ناديه الحالّ فيه ، والنّادي المجلس. [أو] تسمية الشّيء باسم [حاله (١)] أي باسم ما يحلّ في ذلك الشّيء [نحو : (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ)(٢) ، أي في الجنّة] الّتي تحلّ فيها الرّحمة. [أو] تسمية الشّيء باسم [آلته (٢) نحو : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)(٣) ، أي ذكرا حسنا] واللسّان اسم لآلة الذّكر ، ولمّا كان (٣) في الأخيرين نوع خفاء صرّح به في الكتاب.
________________________________________________________
(١) أي عكس ما قبله ، لأنّ ما تقدّم يسمّى الحال باسم المحلّ ، وما هنا يسمّى المكان باسم ما يحلّ فيه ، أي من المجاز المرسل تسمية المكان باسم ما يحلّ فيه ويقع في ضمنه نحو قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ) أي في الجنّة الّتي تحلّ فيها الرّحمة ، والرّحمة بالأصل الرّقّة والحنانة ، والمراد بها في جانب الله تعالى لازمها الّذي هو الإنعام ، واستعمل في الجنّة لحلوله على أهل الجنّة فيها ، والعلاقة في ذلك الحاليّة.
(٢) أي ومن المجاز المرسل تسمية الشّيء باسم آلته نحو قوله تعالى حكاية عن السّيد إبراهيم صلّى الله على نبيّنا وعليه وسلّم (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) أي ذكرا حسنا ، فقد أطلق اللسّان الّذي هو اسم لآلة الكلام ، والذّكر على نفس الذّكر ، لأنّ اللسّان آلته ، ولا يخفى أنّ الانتقال من الآلة إلى ما هي له آلة صحيح ، فصحّ التّجوز ، والعلاقة في ذلك على الآليّة ، والمراد بالأخيرين المتأخّرون عنه من الأنبياء والأمم.
ثمّ الفرق بين الآلة والسّبب أنّ الآلة هي الواسطة بين الفعل وفاعله ، والسّبب ما به وجود الشّيء ، فاللسّان آلة للذّكر الحسن لا سبب له.
(٣) أي قوله : «ولمّا كان ...» جواب عن سؤال مقدّر ، وهو لماذا ذكر المصنّف المعنى المجازي في المثالين الأخيرين ، حيث قال : «أي في الجنّة» في الأوّل ، أي ذكرا حسنا في الثّاني ، ولم يذكر المعنى المجازي فيما عداهما من الأمثلة.
والجواب : لمّا كان فيهما نوع خفاء ، لأنّ استعمال الرّحمة في الجنّة في المثال الأوّل ، واستعمال اللسّان في الذّكر في المثال الثّاني ، ليس من المجاز العرفي العامّ فسّر المراد بهما في المتن.
__________________
(١) سورة العلق : ١٧.
(٢) سورة آل عمران : ١٠٧.
(٣) سورة الشّعراء : ٨٤.