[لتقرّره] أي تقرّر هذا الغرض العامّ (١) ، [في العقول والعادات] فيشترك فيه (٢) الفصيح والأعجم والشّاعر والمفحم. [وإن كان] اتّفاق القائلين [في وجه الدّلالة] أي طريق الدّلالة على الغرض (٣) [كالتّشبيه والمجاز والكناية ، وكذكر هيئات تدلّ على الصّفة لاختصاصها (٤)
________________________________________________________
(١) أي التّوصيف بالأوصاف المذكورة في «العقول والعادات» فلا يختصّ اختراع ذلك بعقل مخصوص حتّى يكون غيره آخذا ذلك منه ، ولا بعادة في زمان مخصوص حتّى يكون أهل زمان آخر أخذا من أهل ذلك الزّمان.
(٢) أي «و» بسبب تقرّر ذلك في العقول والعادات «يشترك فيه» ، أي في الغرض على العموم «الفصيح والأعجم» وهو ضدّ الفصيح و (الشّاعر والمفحم) وهو بفتح الحاء ضد الشّاعر ، أي من لا قدرة له على الشّعر.
والحاصل أنّه إذا كان جميع العقلاء والمتكلّمين متساويين في ذلك الغرض لتقرّره في عقولهم فلا يكون أحدهم أقدم حتّى يقال : إنّ الأخير أخذ منه.
إلى هنا كان الكلام فيما كان اتّفاق القائلين في الغرض على العموم حسبما فصّلنا فيقع الكلام فيما كان اتّفاق القائلين في وجه الدّلالة على الغرض أي في طريقها عليه.
(٣) بأن يكون أحد القائلين دلّ على الغرض بالحقيقة «كالتّشبيه» بالنّسبة لإثبات الغرض الّذي هو ثبوت وجه الشّبه أو فائدته ، والآخر كذلك أو دلّ عليه أحدهما بالتّجوز أو الكناية ، والآخر كذلك ، ثمّ عطف على قوله : «كالتّشبيه» ، قوله : «وكذكر هيئات» ، أي ذكر أوصاف «تدلّ على الصّفة» الّتي هي الغرض.
(٤) أي اختصاص تلك الهيئات «بمن» ، أي بموصوف «هي» ، أي تلك الصّفة الّتي هي الغرض «له» إلى ذلك الموصوف ، فيلزم أن تكون تلك الهيئات مستلزمة للصّفة الّتي هي الغرض والانتقال من الملزوم إلى اللّازم كناية ، فعلم أنّ ذكر الهيئات داخل فيما يقابل الحقيقة الممثّل لها بالتّشبيه ، وذلك المقابل هو مطلق التّجوّز الشّامل ، ثمّ مثّل لذكر الهيئات لينتقل منها إلى الغرض ، فقال : «كوصف الجواد» ، أي ذات الجواد لا من حيث ما يشعر بالجود «بالتّهلل» ، أي يكون الوجه فرحا مسرورا «عند ورود العفاة» جمع عاف ، وهو السّائل ، فإنّ هذه الهيئات ، أعني كون الإنسان متهلّل الوجه ، وكون ذلك التّهلل بسبب ، وكون ذلك السّبب هو ورود السّائلين ينتقل منها إلى الوصف بالجود ، فالوصف بالهيئات لذات الجواد لينتقل