ثمّ لا يخفى أنّ المراد بقوله (١) : يجيء قبل كذا ما ليس بلازم في السّجع ، أن يكون ذلك في بيتين أو أكثر أو فاصلتين أو أكثر ، وإلّا ففي كلّ بيت أو فاصلة يجيء قبل حرف الرّوي ، أو ما في معناه ما ليس بلازم في السّجع كقوله :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل (٢) |
قد جاء قبل اللّام ميم مفتوحة ، وهو ليس بلازم في السّجع ، وقيل : حرف الرّوي أو ما في معناه ، إشارة إلى أنّه يجري في النّثر والنّظم [نحو : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(١) (٣)] ،
________________________________________________________
(١) وحاصله : أنّ المراد بقول المصنّف : أن يجيء قبل حرف الرّوي أو قبل ما يجري مجراه ، ما ليس بلازم في السّجع أن يؤتى بما ذكر في بيتين أو في فاصلتين فأكثر ، كما سيأتي في التّمثيل فإنّه لو لم يشترط وجوده في أكثر من بيت أو فاصلة لم يخل بيت ولا فاصلة منه ، لأنّه لا بدّ أن يؤتى قبل حرف الرّوي أو ما يجرى مجراه بحرف لا يلزم في السّجع ، فقوله مثلا :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل |
قد جيء قبل الرّوي الّذي هو اللّام في حومل بميم ، وهي حرف لا يلزم في السّجع ، وعليه يكون من هذا النّوع باعتبار الإتيان بما لا يلزم ، وليس كذلك باعتبار كونه في بيت واحد ، وليس في بيتين فحينئذ لو وقع مكان الميم حرف آخر لما تضعضع سجع البيت المذكور ، والسّقط منقطع الرّمل ، حيث يستدقّ من طرفه ، واللّوى رمل يعوج ويلتوي ، والدّخول وحومل موضعان.
(٢) والشّاهد في أن الميم ليست بلازمة في سجع هذا البيت وحده ومنقطعا عن إخواته من سابق أو لاحق ، فلو أبدل بحرف غيره لصحّ أيضا.
(٣) والشّاهد : في أن الرّاء في (تَقْهَرْ) و (تَنْهَرْ) بمنزلة الرّوي جيء قبلها بالهاء المفتوحة في الفاصلتين ، وشيء من الفتحة ، والهاء لا يلزم في السّجع لتحقّق السّجع بين (تظفر وتسخر) وبين (تبصر وتغفر).
وأمّا التزام ما لا يلزم في النّظم فكقوله :
__________________
(١) سورة الضّحى : ٩ و١٠.