في تشبيه من لا يحصل من سعيه على طائل بمن يرقم على الماء] فإنّك تجد فيه من تقرير عدم الفائدة وتقوية شأنه ما لا تجده في غيره ، لأنّ الفكر بالحسيّات أتمّ منه بالعقليّات ، لتقدّم (١) الحسّيّات وفرط (٢) إلف النّفس بها. [وهذه] أي الأغراض [الأربعة (٣) تقتضي أن يكون وجه الشّبه في المشبّه به أتمّ (٤) ، وهو (٥) به أشهر] أي وأن يكون المشبّه به بوجه الشّبه أشهر وأعرف (٦) ، وظاهر هذه العبارة أنّ كلا (٧) من
________________________________________________________
أي كالتّقرير الّذي يكون في تشبيه من لا يحصل من سعيه على طائل «بمن يرقم» ، أي يخطّط «على الماء» ، فإنّك تجد في هذا التّشبيه من تقرير عدم الفائدة «ما لا تجده في غيره» ، أي في غير هذا التّشبيه من التّشبيه بالمعقول ، «لأنّ الفكر» أي الذّهن ، أي ألف الذّهن «بالحسّيّات أتمّ منه» ، أي من ألف الذّهن بالعقليّات.
(١) أي علّة للأتميّة ، أي لتقدّم الحسيّات في الحصول عند النّفس على العقليّات ، لأنّ النّفس في مبدأ الفطرة خالية عن العلوم ، ثمّ تدرك الجزئيات بواسطة القوى الخمس الظّاهرة ، ثمّ تنبّه وتلتفت لما بينها من المشاركات والمباينات ، فينتزع من الجزئيات المتشاركة الكلّيات ، ويحصل لها العلوم الكلّيّة.
(٢) أي زيادة ألف النّفس بالحسّيّات.
(٣) أي بيان الإمكان ، والحال والمقدار والتّقرير.
(٤) أي أقوى.
(٥) أي المشبّه به بوجه الشّبه أشهر ، والمراد من الأتميّة والأشهريّة عند المخاطب ، لا عند كلّ النّاس ، إذ قلّما يوجد وصف كان أشهر عند جميع النّاس ، بل لا يوجد لاختلاف الرّسوم والعادات.
(٦) وفي عطف «الأعرف» على «الأشهر» إشارة إلى أنّ «الأشهر» بمعنى الأعرف ، فيكون العطف للتّفسير.
(٧) أي ظاهر العبارة أنّ كلّ واحد من الأربعة يقتضي الأتميّة والأشهريّة ، وليس الأمر كذلك ، لأنّ بيان إمكان المشبّه إنّما يقتضي أن يكون المشبّه به أشهر بوجه الشّبه ليصحّ قياس المشبّه عليه ، ولا يقتضي كون وجه الشّبه في المشبّه به أتمّ ، لأنّ المراد في بيان الإمكان إنّما هو مجرّد وقوع وجه الشّبه في الخارج في ضمن المشبّه به ، ليفيد عدم الاستحالة.